وقال بعض الأعلام [1]
:
المراد من «الذكر المطلوب» في اصطلاح السلاك، أن يذكر الله باللسان ويكون حاضرا بقلبه وجميع قواه الإدراكية بحيث يكون العبد بكلية كونه إنسانا وعبدا، متوجها إلى بارئه فينتفي الخواطر وينقطع أحاديث النفس عنه. ثم، إذا داوم عليه بهذا الوجه من الشرائط من تخلية البيت عن الحطام وتنقية الجوف عن الحرام، بل عن الطعام، وتنظيف الثوب والبدن عن الأدناس، وتنزيه الباطن [2] والسر عن الوسواس، والتوجه إلى المبدأ الأعلى من المنطق [3] والقياس، فينتقل [4] الذكر من لسانه إلى قلبه ولا يزال يذكر ويردد [5] هذه الكلمة على لسانه مواطأة للقلب [6] حتى يصير الكلمة متأصلة في القلب مزيلة لحديث [7] النفس ينوب معناه [8] في القلب عن كل حديث النفس فإذا استولت الكلمة وتجوهرت في القلب، فحينئذ [9] يذكر القلب وإن سكت اللسان. وبتجوهرها يسكن نور اليقين في قلب السالك حتى يتجلى له الحق من وراء أستار غيوبه فيتنور باطن العبد بحكم: وأشرقت الأرض بنور ربها [10] .
Page 61