ونحن نقول أنكحة الكفار كلها باطلة وإنما الإسلام يصححها وإذا كانت باطلة فلا يتقرر أربع دون من عداهن لكون من عداهن يبطل عقده (١)، والحديث لم يفصل، مع أنها تأسيس قاعدة وابتداء حكم، وشأن الشرع في مثل هذا رفع البيان إلى أقصى غاياته، فلولا أن الأحوال كلها يعمها هذا الاختيار، وإلا لما أطلق صاحب الشرع القول فيها، وكما لو قال صاحب الشرع أعتقوا رقبة في الكفارة ولم يفصل، استدللنا بذلك على عتق الطويلة والقصيرة والبيضاء والسوداء من جهة عدم التفصيل، لا لأن اللفظ عام، بل هو مطلق، غير أن عدم التفصيل يقوم مقام التعميم، فهذا تلخيص هذا الموضع عندي، وأن القولين من الشافعي ﵁ محمولان على حالتين: فإحداهما في دليل الحكم، والأخرى في محل الحكم، وقد تقدم مبسوطًا ممثلًا فتأمله، فهو موضع حسن.
وخطاب المشافهة لا يتناول من يحدث بعد إلاّ بدليل لأن الخطاب موضوع في اللغة للمشافهة.
لا تقول العرب أكرمتكم أو أمرتكم أو نهيتكم أو قوموا، إلاّ لمن هو موجود، فعلى هذا قوله تعالى: «عليكم أنفسكم» (٢)، «واجتنبوا كثيرًا من الظن» (٣)، ونحوه هو مختص بالموجودين وقت نزول هذا الخطاب، وتناوله لأهل القرون بعدهم ليس
من جهة اللغة، بل ذلك إما لأنه معلوم ن الدين بالضرورة، وأن الشريعة عامة على الخلائق إلى يوم القيامة، أو بالإجماع للعلماء، طريقتان في ذلك، وكلاهما حق.
وقول الصحابي ﵁ نهى رسول الله ﷺ عن بيع الغرر أو قضى بالشفعة أو حكم بالشاهد واليمين، قال الإمام رحمه الله تعالى لا عموم له لأن الحجة في المحكى لا في الحكاية، وكذلك قوله كان يفعل كذا، وقيل يفيده عرفًا.