Sharh Sudur
شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور
Investigator
عبد المجيد طعمة حلبي
Publisher
دار المعرفة
Edition Number
الأولى
Publication Year
1417 AH
Publisher Location
لبنان
Genres
فَهُوَ أَحْرَى أَن لَا يفتن لِأَنَّهُ الْمُقدم ذكره فِي التَّنْزِيل على الشُّهَدَاء وَقد جَاءَ فِي المرابط الَّذِي هُوَ أقل مرتبَة من الشَّهِيد أَنه لَا يفتن فَكيف بِمن هُوَ أَعلَى مرتبَة مِنْهُ وَمن الشَّهِيد هَذَا كُله كَلَام الْقُرْطُبِيّ
قلت وَقد صرح الْحَكِيم بِأَن الصديقين لَا يسْأَلُون وَعبارَته ثمَّ قَالَ تَعَالَى ﴿وَيفْعل الله مَا يَشَاء﴾ وتأويله عندنَا وَالله أعلم أَن من مَشِيئَته أَن يرفع مرتبَة أَقوام عَن السُّؤَال وهم الصديقون وَالشُّهَدَاء وَمَا نَقله عَن الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي تَوْجِيه حَدِيث الشَّهِيد يَقْتَضِي إختصاص ذَلِك بِشَهِيد المعركة لَكِن إقتضت أَحَادِيث الرِّبَاط التَّعْمِيم فِي كل شَهِيد
وَقد جزم شيخ الْإِسْلَام إِبْنِ حجر فِي كتاب بذل الماعون فِي فضل الطَّاعُون بِأَن الْمَيِّت بالطعن لَا يسْأَل لِأَنَّهُ نَظِير الْمَقْتُول فِي المعركة وَبِأَن الصابر فِي الطَّاعُون محتسبا يعلم أَنه لَا يُصِيبهُ إِلَّا مَا كتب لَهُ إِذا مَاتَ فِيهِ بِغَيْر الطعْن لَا يفتن أَيْضا لِأَنَّهُ نَظِير المرابط هَكَذَا ذكره وَهُوَ مُتَّجه جدا
وَقَالَ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي تَوْجِيه حَدِيث المرابط إِنَّه قد ربط نَفسه وسجنها وصيرها حَبِيسًا لله فِي سَبيله لمحاربة أعدائه فَإِذا مَاتَ على هَذَا فقد ظهر صدق مَا فِي ضَمِيره فَوقِي فتْنَة الْقَبْر
قَالَ وَمن مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة فقد إنكشف الغطاء عَمَّا لَهُ عِنْد الله لِأَن يَوْم الْجُمُعَة لَا تسجر فِيهِ جَهَنَّم وتغلق أَبْوَابهَا وَلَا يعْمل سُلْطَان النَّار مَا يعْمل فِي سَائِر الْأَيَّام فَإِذا قبض الله عبدا من عبيده فَوَافَقَ قَبضه يَوْم الْجُمُعَة كَانَ ذَلِك دَلِيلا لسعادته وَحسن مآبه لِأَنَّهُ لَا يقبض فِي هَذَا الْيَوْم الْعَظِيم إِلَّا من كتب الله لَهُ السَّعَادَة عِنْده فَلذَلِك يَقِيه فتْنَة الْقَبْر لِأَن سَببهَا إِنَّمَا هُوَ تَمْيِيز الْمُنَافِق من الْمُؤمن إنتهى
قلت وَمن تَتِمَّة ذَلِك أَن من مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة لَهُ أجر شَهِيد فَكَانَ على قَاعِدَة الشُّهَدَاء فِي عدم السُّؤَال
١٩ - كَمَا أخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ من مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة أَو لَيْلَة الْجُمُعَة أجِير من عَذَاب الْقَبْر وَجَاء يَوْم الْقِيَامَة عَلَيْهِ طَابع الشُّهَدَاء
1 / 151