Sharh Siyar Kabir
شرح السير الكبير
Publisher
الشركة الشرقية للإعلانات
Publication Year
1390 AH
Genres
Hanafi Fiqh
أَقْتُلَ رَجُلًا مِنْهُمْ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْتُلَ سَبْعِينَ مِنْ غَيْرِهِمْ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ﴾ [التوبة: ١٢] وَالْمُرَادُ بِمَقَاعِد الشَّيَاطِينِ شَعْرُ رُءُوسِهِمْ، وَذَلِكَ يَكُونُ فِي الرَّأْسِ، كَمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ فِي إقَامَةِ الْحَدِّ: اضْرِبُوا الرَّأْسَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ فِي الرَّأْسِ.
(٣) قَالَ: وَلَا تَقْتُلَنَّ مَوْلُودًا. وَمَا مِنْ أَحَدٍ إلَّا وَهُوَ مَوْلُودٌ، لَكِنَّ الْمُرَادَ هُوَ الصَّبِيُّ، سَمَّاهُ مَوْلُودًا لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْوِلَادَةِ. وَالْمُرَادُ بِهِ إذَا كَانَ لَا يُقَاتِلُ. فَسَّرَهُ فِي الطَّرِيقِ الْآخَرِ فَقَالَ: لَا تَقْتُلَنَّ صَغِيرًا ضَرْعًا. (٤) قَالَ: وَلَا امْرَأَةً. وَالْمُرَادُ بِهِ إذَا كَانَتْ لَا تُقَاتِلُ، عَلَى مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﵇ مَرَّ بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ فَقَالَ: هَاهْ، مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقَاتِلُ، أَدْرِكْ خَالِدًا فَقُلْ لَهُ: لَا تَقْتُلَنَّ ذُرِّيَّةً وَلَا عَسِيفًا» .
(٥) قَالَ: وَلَا شَيْخًا كَبِيرًا.
وَفِي رِوَايَةٍ: فَانِيًا. يَعْنِي إذَا كَانَ لَا يُقَاتِلُ، وَلَا رَأَى لَهُ فِي ذَلِكَ، فَأَمَّا إذَا كَانَ يُقَاتِلُ أَوْ يَكُونُ لَهُ رَأْيٌ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. عَلَى مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﵇ أَمَرَ بِقَتْلِ دُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ. وَكَانَ ذَا رَأْيٍ فِي الْحَرْبِ»، فَأَشَارَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَرْفَعُوا الظَّعْنَ إلَى عَلْيَاءِ بِلَادِهِمْ. وَأَنْ يَلْقَى الرِّجَالُ الْعَدُوَّ بِسُيُوفِهِمْ عَلَى مُتُونِ الْخَيْلِ. فَلَمْ يَقْبَلُوا رَأْيَهُ. وَقَاتَلُوا مَعَ أَهَالِيِهِمْ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ انْهِزَامِهِمْ. وَفِيهِ يَقُولُ (٢٣ ب) دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ:
أَمَرْتُهُمْ أَمْرِي بِمُنْعَرِجِ اللِّوَى ... فَلَمْ يَسْتَبِينُوا الرُّشْدَ حَتَّى ضُحَى الْغَدِ
1 / 42