Sharh Siyar Kabir
شرح السير الكبير
Publisher
الشركة الشرقية للإعلانات
Publication Year
1390 AH
Genres
Ḥanafī Law
فَلَمَّا عَصَوْنِي كُنْت مِنْهُمْ وَقَدْ أَرَى ... غَوَايَتَهُمْ وَأَنَّنِي غَيْرُ مُهْتَدٍ
فَلَمَّا كَانَ ذَا الرَّأْيِ فِي الْحَرْبِ قَتَلَهُ النَّبِيُّ ﵇
قَالَ: (٦ - ٨) وَلَا تَعْقِرَنَّ شَجَرًا بَدَا ثَمَرُهُ، وَلَا تَحْرِقَنَّ نَخْلًا وَلَا تَقْطَعَنَّ كَرْمًا. وَبِظَاهِرِ الْحَدِيثِ اسْتَدَلَّ الْأَوْزَاعِيُّ فَقَالَ: لَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفْعَلُوا شَيْئًا مِمَّا يَرْجِعُ إلَى التَّخْرِيبِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، لِأَنَّ ذَلِكَ فَسَادٌ، ﴿وَاَللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ [البقرة: ٢٠٥]، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ﴾ [البقرة: ٢٠٥]، وَلِمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ﵁ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَذْكُرُ هَذَا فِي وَصَايَاهُ لِأُمَرَاءِ السَّرَايَا» .
ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَقَالَ فِيهِ: إلَّا شَجَرًا يَضُرُّكُمْ، أَيْ يَحُولُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ قِتَالِ الْعَدُوِّ. وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِمَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ: «أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَبِرَ بِمَلَكُوتِ الْأَرْضِ فَلْيَنْظُرْ إلَى مُلْكِ آلِ دَاوُد وَأَهْلِ فَارِسَ. فَقَالَ ذَلِكَ النَّبِيُّ: أَمَّا أَهْلُ دَاوُد فَهُمْ أَهْلٌ لِمَا أَكْرَمْتهمْ بِهِ، فَمَنْ أَهْلُ فَارِسَ؟ فَقَالَ: إنَّهُمْ عَمَّرُوا بِلَادِي فَعَاشَ فِيهَا عِبَادِي» . وَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ السَّعْيَ فِي الْعِمَارَةِ مَحْمُودٌ تَبَيَّنَ أَنَّ السَّعْيَ فِي التَّخْرِيبِ مَذْمُومٌ. وَلَكِنَّا نَقُولُ: لَمَّا جَازَ قَتْلُ النُّفُوسِ، وَهُوَ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِكَسْرِ شَوْكَتِهِمْ فَمَا دُونَهُ مِنْ تَخْرِيبِ الْبُنْيَانِ وَقَطْعِ الْأَشْجَارِ لَأَنْ يَجُوزَ أَوْلَى.
1 / 43