كثير عزة، فلما ورد عليه إذ هو حقير قصير تزدريه العين، فقال عبد الملك:
تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه. فقال: مهلا يا أمير المؤمنين، فإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، إن نطق ببيان، وإن قاتل قاتل بجنان، وأنا الذي أقول (١):
وجرّبت الأمور وجرّبتني ... وقد أبدت عريكتي الأمور
وما تخفي الرّجال عليّ إنّي ... بهم لأخو مثاقبة خبير
ترى الرّجل النّحيف فتزدريه ... وفي أثوابه أسد نزير (٢)
ويعجبك الطّرير فتبتليه ... فيخلف ظنّك الرّجل الطّرير
وما عظم الرّجال لها بزين ... ولكن زينها كرم وخير (٣)
بغاث الطّير أطولها جسوما ... ولم تطل البزاة ولا الصّقور (٤)
وقد عظم البعير بغير لبّ ... فلم يستغن بالعظم البعير
فيركب ثمّ يضرب الهراوي ... فلا عرف لديه ولا نكير
يجرّره الصّبيّ بكلّ سهب ... ويحبسه على الخسف الجرير
_________
(١) وردت هذه القصيدة في الامالي ١/ ٤٧، وحماسة أبي تمام بشرح التبريزي ٣/ ١٥٢ باختلاف الألفاظ، كما اختلف في اسم قائله، وقال البكري في سمط اللآلي ١٩٠: (اختلف العلماء في عزو هذا الشعر فأنشده أبو تمام لعباس بن مرداس السلمي، ونسبه ابن الاعرابي والرياشي الى معود الحكماء. وقال عمرو بن أبي عمرو النوقاني: وقد نسب الى ربيعة الرقي، والصحيح من هذا والله أعلم أنه لمعود الحكماء). وعند الحصري لكثير.
(٢) في الامالي، واللآلي ١٩٠ (أسد هصور) وفي الحماسة: (مزير)، أي العاقل الحازم، ويروى: (مرير) أي قوي القلب شديده.
(٣) في الحماسة برواية:
فما عظم الرجال لهم بفخر ... ولكن فخرهم كرم وخير
(٤) رواية البيت كما في الموشح واللسان والحماسة:
بغاث الطير أكثرها فراخا ... وأم صقر مقلات نزور
1 / 67