هذا من أرجوزة لرؤبة، وقد انتحلها أبو نخيلة السعدي لنفسه. أخرج ابن عساكر في تاريخه بسنده إلى الأصمعي قال: حدّثني عبيد الله بن سالم قال: دخل عليّ أبو نخيلة وأنا في قبة مظلمة، ودخل رؤبة فقعد في ناحية منها، ولا يشعر كل واحد منهما بمكان صاحبه. فقلنا لأبي نخيلة أنشدنا، فأنشد هذه، وانتحلها لنفسه:
هاجك من أروى كمنهاض الفكك ... هم إذا لم يعده هم فتك
وقد أرتنا حسنها ذات المسك ... شادخة الغرّة زهراء الضّحك
تبلج الزّهراء في جنح الدّلك ... يا حكم الوارث عن عبد الملك
أوديت إن لم تحب حبو المعتنك ... أتت بإذن الله إن لم تتّرك
مفتاح حاجات انخناهنّ بك ... الذّخر فيها عندنا والأجر لك
قال: ورؤبة يئط ويذحر، فلما فرغ، قال رؤبة: كيف أنت يا أبا نخيلة؟
فقال: يا سوأتاه ألا أراك هنا هذا كبيرنا الذي يعلمنا. فقال له رؤبة: إذا أتيت الشام فخذ منه ما شئت، وما دمت بالعراق فإياك وإياه.
يقال: هاج الشيء يهيج واهتاج وتهيج أي ثار. وهاجه غيره يتعدى ولا يتعدى. وأروى، جمع أروية، وهي الأنثى من الوعول، وبه سميت المرأة. وفي الصحاح: الفكك: انفساخ القدم. وأنشد البيت. وقال الأصمعي: إنما هو الفك من قولك فكه يفكه فكا، فأظهر التضعيف ضرورة. وهم: فاعل هاجك. وفتك:
قتل على غفلة وغيره. والمسك: بفتحتين، اسورة من عاج أو ذبل، واحدها مسكة.
والشادخة: بشين وخاء معجمتين ودال مهملة: الغرّة التي فشت في الوجه من الناصية إلى الأنف ولم تصب العينين. تقول: شدخت الغرّة إذا اتسعت في الوجه.
وزهراء: مشرقة. والضحك: كناية عن التبسم، والوجه. وتبلج الصبح، وانبلج وبلج أضاء. تبلج فلان ضحك، هش. وجنح الليل، بضم الجيم وكسرها، طائفة
1 / 53