فما رام حتى عمل قصيدته المشهورة، وهي أوّل شعره، ثم غدا على عمه فقال:
اجمع لي العشيرة ليسمعوا فجمعهم له فأنشد:
طربت وما شوقا إلى البيض أطرب
القصيدة الى آخرها.
وأخرج عن محمد بن عقير قال: كانت بنو أسد تقول: فينا فضيلة ليست في العالم ليس منزلا منّا إلا وفيه بركة وراثة الكميت، لأنه رأى النبي ﷺ في النوم فقال له: أنشدني: طربت، فأنشده، فقال له: بوركت وبورك قومك. وكان الكميت شيعيا. قال المبرد: وقف الكميت، وهو صبي، على الفرزدق وهو ينشد فلما فرغ قال:
يا غلام: أيسرك أني أبوك؟ قال: أما أبي فلا أريد به بدلا، ولكن يسرني أن تكون أمي. فحصر الفرزدق وقال: ما مر بي مثلها! أخرجه ابن عساكر، ويقال: ما جمع أحد من علم العرب ومناقبها ومعرفة أنسابها ما جمع الكميت، فمن صحح الكميت نسبه صح، ومن طعن فيه وهن. أخرجه ابن عساكر، وقال بعضهم: كان في الكميت عشر خصال لم تكن في شاعر: كان خطيب بني أسد، وفقيه الشيعة، وحافظ القرآن، وثبت الجنان، وكان كاتبا حسن الخط، وكان نسابة، وكان جدلا، وهو أول من ناظر في التشيع، وكان راميا لم يكن في بني أسد أرمى منه، وكان فارسا، وكان شجاعا، وكان سخيا دينا، أخرجه ابن عساكر.
وأخرج عن محمد بن سهل قال: قال الكميت: رأيت في النوم، وأنا مختف، رسول الله ﷺ فقال: مم خوفك؟ قلت: يا رسول الله، من بني أمية.
وأنشدته:
ألم ترني من حبّ آل محمّد ... البيت
فقال: اظهر، فإن الله قد أمّنك في الدنيا والآخرة. وأخرج عن الجاحظ قال:
ما فتح للشيعة الحجاج إلا الكميت بقوله:
فإن هي لم تصلح لحيّ سواهم ... فإنّ ذوي القربى أحقّ وأوجب
1 / 38