هذان من قصيدة لعمر بن أبي ربيعة قالها في عائشة بنت طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، كذا قال الزبير بن بكار، أورد قبلهما:
لقد عرضت لي بالمحصّب من منى ... مع الحجّ شمس شبّهت بيمان
وبعدهما:
فلمّا التقينا بالثّنيّة سلّمت ... ونازعني البغل اللّعين عناني
فقلت لها: عوجي فقد كان منزلي ... خصيب لكم ناء من الحدثان
فعجنا فعاجت ساعة فتكلّمت ... فظلّت لها العينان تبتدران
قوله: بدا، بلا همز أي ظهر. والمعصم، بكسر الميم وفتح الصاد، موضع السوار من الساعد. وجمرت، بالفتح وتشديد الميم: رمت الجمار، والمصدر التجمير.
وكف خضيب: خضبت بالحناء ونحوه. والكف الخضيب أيضا نجم. والبنان:
أطراف الأصابع واحدها بنانة بالباء. وقوله: (وان كنت داريا) يحتمل أن تكون إن فيه نافية، أي: وما كنت داريا، فتكون تأكيدا للجملة قبلها. ويحتمل أن تكون مخففة من الثقيلة، أي وإني كنت قبل ذلك من أهل الدراية والمعرفة حتى بدا لي ما ذكر فسلبت الدراية. وهذا الاحتمال عندي أظهر ويؤيده ما سيأتي. وقوله: بسبع، على حذف همزة الاستفهام، أي أبسبع، وهو محل الاستشهاد. وقوله: رمين، قال البدر الدماميني: ضميره عائد إلى البنان، أو الى المرأة وصواحبها.
قلت: البيت أنشده الزبير بن بكار بلفظ:
فو الله ما أدري وإني لحاسب ... بسبع رميت الجمر أم بثمان
بتاء المتكلم في رميت (١) وهذا أوجه بلا شك، فإن الاخبار بذهوله عن فعله يشغل قلبه بما رأى، أبلغ من الاخبار بذهوله عن فعل الغير، وفيه سلامة من التأويل المذكور.
_________
(١) وكذا رواية الديوان.
1 / 32