تاريخه فقال: شاعر مجيد مخضرم كان أشعر هذيل، وهذيل أشعر أحياء العرب.
روى عنه صعصعة والد الهرماس الهذلي، ثم أخرج من طريق الهرماس بن صعصعة عن أبيه قال: حدثني أبو ذؤيب الشاعر قال: بلغنا أن رسول الله ﷺ عليل، وقع ذلك النبأ عن رجل من الحي قدم، فأوجس أهل الحيّ خيفة، فبت بليلة باتت النجوم طويلة الاباء لاينجاب ديجورها ولا يطلع نورها فظلت أقاسي طولها وأقارن عولها، حتى إذا كان دوين السفر وقرب السحر خفت، فهتف الهاتف وهو يقول:
خطب أجلّ أناخ بالإسلام ... بين النخيل ومعقد الآطام
قبض النّبيّ محمد فعيوننا ... تبدي الدّموع عليه بالتسجام
قال أبو ذؤيب: فوثبت من نومي فزعا، فنظرت إلى السماء، فلم أر إلّا سعد الذابح، فتفاءلت به ذبحا يقع في العرب. وعلمت أن النبي ﷺ قد قبض، أو هو ميت، فركبت ناقتي وسرت، فلما أصبحت طلبت شيأ أزجره، فعنّ لي شيهم، يعني القنفذ، قد قبض على صلّ، يعني الحية، فهو يلتوي عليه، والشيهم يقضمه، حتى أكله. فزجرت ذلك وقلت: تلوّى الصل انفتال الناس عن الحق على القائم بعد رسول الله ﷺ، ثم أوّلت أكل الشيهم إياه غلبة القائم على الأمر. فحثثت ناقتي حتى إذا كنت بالعلية زجرت الطائر فأخبرني بوفاته، ونعب غراب سانح، فنطق بمثل ذلك فتعوّذت من شرّ ما عنّ لي في طريقي، وقدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج اذا أهلوا بالاحرام، فقلت: مه، فقيل:
قبض رسول الله ﷺ. فجئت إلى المسجد فوجدته خاليا فقلت: أين الناس؟ قيل: هم في سقيفة بني ساعدة، فشهدت مبايعة أبي بكر بها ورجعت فشهدت الصلاة على النبي ﷺ ودفنه.
قال صعصعة: وأنشد أبو ذؤيب يبكي النبي ﵌:
لمّا رأيت النّاس في أحوالهم ... ما بين ملحود له ومضرّح
1 / 30