العرب واتّبعته فيها الشعراء، منها: استيقاف صحبه، والبكاء في الديار (١)، ورقة التشبيب، وقرب المأخذ، وتشبيه النساء بالظباء والبيض، وتشبيه الخيل بالعقبان والعصى، وقيّد الأوابد، وأجاد في التشبيه، وفصل بين التشبيه وبين المعنى. وكان أحسن طبقته تشبيها. وأحسن الاسلاميين تشبيها ذو الرمة.
وقال أبو عمرو ابن العلاء (٢): سألت ذا الرمة عن أي قول الشعراء الذين وصفوا الغيث أشعر؟ فقال: قول امرئ القيس:
ديمة هطلاء فيها وطف ... طبق الأرض تحرّى وتدرّ
تخرج الودّ إذا ما أشجذت ... وتواريه إذا ما تشتكر
وترى الضبّ خفيفا ماهرا ... ثانيا برثنه ما ينعفر
وترى الشّجراء في ريّقها ... كرؤوس قطّعت فيها الخمر
ساعة، ثم انتحاها وابل ... ساقط الأكناف واه منهمر
راح تمريه الصّبا ثم انتحى ... فيه شؤبوب جنوب منفجر
ثجّ حتّى ضاق عن آذيّة ... عرض خيم فخفاف فيسر
قد غدا يحملني في أنفه ... لاحق الإطلين (٣) محبوك ممرّ
الديمة: المطر الدائم. والهطلاء: الغزيرة. ووطف: استرخاء. وتحرّى:
تقصد. وتدر: تصب الماء. والودّ: جبل. وأشجذت: أقلعت. وتواريه: تستره.
وتشتكر: يكثر ماؤها. وبرثنه: مخلبه. وينعفر: يلصق بالتراب. والشجراء:
جماعة الشجر. وريقها: أوّلها. والخمر: جمع خمار. وانتحاها: قصدها. ووابل:
أعظم المطر. وأكناف: النواحي. وواه: مسترخ. ومنهمر: سائل. وراح: جاء
_________
(١) انظر الشعراء ٨٢، والخزانة ١/ ٥٠٧ - ٥٠٨
(٢) الطبقات ٧٨، والشعراء ٥٨، والديوان ٨٩ - ٩٠.
(٣) ويروى: (الأيطل)، وهو الخاصرة والكشح.
1 / 24