وقال ابن دابر: الفرزدق أشعر عامّة، وجرير أشعر خاصة.
وأخرج أبو الفرج في الاغاني عن يونس قال: لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب.
وقال الجاحظ: كان الفرزدق صاحب نساء وزنى، وكان لا يحسن بيتا واحدا في صفاتهن واستمالة أهوائهن ولا في صفة عشق وتباريح حب. وجرير ضده في ارادتهنّ، وخلافه في وصفهن، أحسن خلق الله تشبيبا وأجودهم نسيبا (١).
قال أبو عمرو بن العلاء: حضرت الفرزدق وهو يجود بنفسه، فما رأيت أحسن ثقة بالله منه. قال: وذلك في أول سنة عشر ومائة، فلم أنشب أن قدم جرير من اليمامة فاجتمع إليه الناس، فما أنشدهم ولا وجدوه كما عهدوه. فقلت له في ذلك، فقال: والله أطفأ الفرزدق جمرتي، وأسال عبرتي، وقرّب منيتي. ثم رد الى اليمامة فنعي لنا في رمضان من السنة. وقيل إنهما ماتا سنة احدى عشرة ومائة، وقيل سنة أربع عشرة ومائة.
وأخرج ابن عساكر عن أبي الهيثم الغنوي قال: لما مات الفرزدق بكى جرير، فقيل له: أتبكي على رجل يهجوك وتهجوه منذ أربعين سنة؟ قال: إليكم عني، فو الله ما تسابّ رجلان ولا تناطح كبشان، فمات أحدهما إلا تبعه الآخر عن قريب.
فمات بعده بأربعين يوما. وصعصعة جدّ الفرزدق صحابي قدم على رسول الله ﷺ، وله رواية، وكان يحيي الموؤدات.
وأخرج ابن مندة وابن أبي الدنيا وابن عساكر عن مغيرة قال: لم يكن أحد من أشراف العرب بالبادية كان أحسن دينا من صعصعة جدّ الفرزدق، وهو الذي أحيا ألف موؤدة، وحمل على ألف فرس، وهو الذي افتخر به الفرزدق فقال:
وجدّي الذي منع الوائدات ... وأحيا الوئيد فلم يؤاد
وجدّه محمد بن سفيان أحد من سمى محمدا في الجاهلية.
_________
(١) انظر البيان والتبيين ١/ ١٧٩ - ١٨٠.
1 / 16