76

Sharh Mukhtasar Rawda

شرح مختصر الروضة

Investigator

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ الرُّجْحَانُ وَالدَّلِيلُ. «تَنْبِيهٌ» زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَعَنِّتِينَ، أَنَّ تَعْرِيفَ الشَّيْءِ بِـ «مَا»، نَحْوَ قَوْلِنَا: أَصْلُ الشَّيْءِ: مَا مِنْهُ الشَّيْءُ، وَأُصُولُ الْفِقْهِ، مَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ الْفِقْهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، قَبِيحٌ أَوْ غَيْرُ صَحِيحٍ، قَالَ: لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ التَّعْرِيفِ الْإِيضَاحُ وَالْإِفْهَامُ، وَلَفْظُ «مَا» شَدِيدُ الْإِبْهَامِ، فَالتَّعْرِيفُ بِهِ يُنَافِي الْمَقْصُودَ. وَهَذَا كَلَامٌ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ، لِأَنَّ مَا وَإِنْ كَانَتْ شَدِيدَةَ الْإِبْهَامِ، غَيْرَ أَنَّ التَّعْرِيفَ لَيْسَ بِهَا وَحْدَهَا، بَلْ بِهَا وَبِمَا بَعْدَهَا، وَبِمَجْمُوعِهِمَا يَحْصُلُ الْكَشْفُ عَنْ حَقِيقَةِ الْمَحْدُودِ. فَلَا فَرْقَ إِذًا بَيْنَ قَوْلِنَا: أَصْلُ الشَّيْءِ مَا مِنْهُ الشَّيْءُ، وَبَيْنَ قَوْلِنَا: أَصْلُ الشَّيْءِ مَعْلُومٌ أَوْ مَوْجُودٌ أَوْ جِسْمٌ مِنْهُ الشَّيْءُ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِنَا: مَا يَسْتَنِدُ تَحَقُّقُ الشَّيْءِ إِلَيْهِ. وَبَيْنَ قَوْلِنَا: مَعْلُومٌ أَوْ مَوْجُودٌ، أَوْ جِسْمٌ يَسْتَنِدُ تَحَقُّقُ الشَّيْءِ إِلَيْهِ. نَعَمْ، الْمُنَاقَشَةُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ شَأْنَ الْحُدُودِ وَالتَّعْرِيفَاتِ أَنْ يُوضَعَ فِيهَا الْجِنْسُ الْأَقْرَبُ، ثُمَّ يُمَيَّزُ بِمَا يَفْصِلُ النَّوْعَ الْمَقْصُودَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ ذَلِكَ الْجِنْسِ، وَلَفْظُ مَا عَامٌّ فِي الْجِنْسِ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، فَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَيُّهُمَا الْمُرَادُ. فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: الْإِنْسَانُ: مَا كَانَ نَاطِقًا، لَمْ يُعْلَمْ هَلِ الْمُرَادُ مَا كَانَ مِنَ الْحَيَوَانِ نَاطِقًا، فَيَكُونُ قَدْ أَتَى بِالْجِنْسِ الْقَرِيبِ، كَقَوْلِهِ: حَيَوَانٌ نَاطِقٌ، أَوْ مَا كَانَ مِنَ الْأَجْسَامِ أَوِ الْمَعْلُومَاتِ أَوِ الْمَوْجُودَاتِ نَاطِقًا، فَيَكُونُ قَدْ أَتَى بِالْجِنْسِ الْبَعِيدِ، نَحْوَ قَوْلِهِ:

1 / 127