Sharḥ Mukhtaṣar al-Rawḍa
شرح مختصر الروضة
Investigator
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Publisher
مؤسسة الرسالة
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَتُعْلَمُ أَحْكَامُهَا بِهِ، لِأَنَّ أَصْلَ الشَّيْءِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ، وَعُرِفَ مِنْهُ، إِمَّا بِاسْتِخْرَاجٍ أَوْ تَنْبِيهٍ.
قُلْتُ: مَا ذَكَرَهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ صَحِيحٌ، أَمَّا قَوْلُهُ: أَصْلُ الشَّيْءِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ، فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، إِذْ قَدْ يَتَعَلَّقُ الشَّيْءُ بِمَا لَيْسَ أَصْلًا لَهُ، كَتَعَلُّقِ الْحَبَلِ بِالْوَتَدِ فِي الْمَحْسُوسَاتِ، وَتَعَلُّقِ السَّبَبِ بِالْمُسَبِّبِ، وَالْعِلَّةِ بِالْمَعْلُولِ فِي الْمَعْقُولَاتِ.
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: أَصْلُ الشَّيْءِ: مَا مِنْهُ الشَّيْءُ لُغَةً، وَرُجْحَانُهُ وَدَلِيلُهُ اصْطِلَاحًا، يَعْنِي أَنَّ أَصْلَ الشَّيْءِ فِي اللُّغَةِ مَادَّتُهُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا، نَحْوَ قَوْلِنَا: أَصْلُ السُّنْبُلَةِ الْبُرَّةُ، أَيْ: هِيَ مَادَّتُهَا.
وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ، فَيُطْلَقُ الْأَصْلُ عَلَى رُجْحَانِ الشَّيْءِ، نَحْوَ: الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، أَيْ: هُوَ رَاجِحٌ، وَلِهَذَا احْتِيجَ فِي دَعَاوَى الْحُقُوقِ إِلَى الْبَيِّنَاتِ، لِيَصِيرَ جَانِبُ الْمُدَّعِي رَاجِحًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَرْجُوحًا، وَكَقَوْلِنَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النِّسَاءِ: ٤٣]: الْمُرَادُ حَقِيقَةُ الْمُلَامَسَةِ بِالْيَدِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَجَازِ.
وَالْمُتَيَمِّمُ إِذَا رَأَى الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ، وَالْعَبْدُ الْغَائِبُ تَجِبُ فِطْرَتُهُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ.
وَالْمُرَادُ فِي هَذَا كُلِّهِ، أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الرَّاجِحُ، أَوْ أَنَّ الرُّجْحَانَ الْأَصْلُ.
وَيُطْلَقُ أَيْضًا فِي الِاصْطِلَاحِ، عَلَى الدَّلِيلِ، نَحْوَ: أُصُولُ الْفِقْهِ أَدِلَّتُهُ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَرَافِيُّ تَوَسُّطٌ جَيِّدٌ، وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْمَادَّةُ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ
1 / 126