39

Sharh Mukhtasar Rawda

شرح مختصر الروضة

Investigator

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ وَالْقِسْمُ الْآخَرُ الَّذِي لَيْسَ بِكَامِلٍ وَلَا مُكَمِّلٍ، هُوَ كَالْمَاءِ النَّجِسِ الَّذِي لَا هُوَ طَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ، وَلَا مُطَهِّرٌ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ سُلِبَ صِفَتَيِ الطَّهَارَةِ وَالطَّهُورِيَّةِ، فَهُوَ كَالْفَاسِقِ الَّذِي لَيْسَ هُوَ عَدْلًا، وَلَا تُقْبَلُ تَزْكِيَتُهُ لِمَنْ يُرِيدُ التَّعْدِيلَ، وَكَالْكَافِرِ الشَّيْطَانِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ خَيْرٌ، وَلَا يَأْمُرُ غَيْرَهُ بِخَيْرٍ. إِذَا عُرِفَ هَذَا، فَكَمَالُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ، وَهُوَ مُتَفَاوِتٌ فِي مَرَاتِبِهِ، فَكَمَالُ الْمُحْدَثِ دُونَ كَمَالِ الْقَدِيمِ، وَكَمَالُ الْعَرَضِ دُونَ كَمَالِ الْجَوْهَرِ، وَكَمَالُ الْجَمَادِ دُونَ كَمَالِ النَّامِي، وَكَمَالُ النَّامِي دُونَ كَمَالِ الْحَسَّاسِ، وَكَمَالُ الْحَسَّاسِ - وَهُوَ الْحَيَاةُ - دُونَ كَمَالِ الْإِنْسَانِ، ثُمَّ يَتَفَاوَتُ الْإِنْسَانُ فِي مَرَاتِبِ الْكَمَالِ بِحَسَبِ الْمَعَانِي وَالصِّفَاتِ الْمُوجِبَةِ لِلتَّفَاوُتِ، فَلِهَذَا قَالَ: «وَالرَّسُولِ الْمُكَمِّلِ الْأَكْمَلِ»: أَيِ الْمُكَمِّلِ لِغَيْرِهِ بِالْهِدَايَةِ وَالْإِرْشَادِ وَالدُّعَاءِ إِلَى سُبُلِ الرَّشَادِ، الْأَكْمَلِ مِنْ جَمِيعِ أَشْخَاصِ نَوْعِهِ وَغَيْرِهِ، فَالْكَامِلُ مِنْهُمْ مُشَارِكٌ لَهُ فِي مُطْلَقِ الْكَمَالِ، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِرُتْبَةِ الْأَكْمَلِيَّةِ. وَقَوْلُهُ: «الَّذِي خَتَمَ النُّبُوَّةَ وَأَكْمَلَ» هَذَا وَصْفٌ لِلرَّسُولِ بِأَنَّهُ خَتَمَ النُّبُوَّةَ وَأَكْمَلَهَا، بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مُحْتَاجَةً إِلَيْهِ ﷺ، كَمَا رَوَى جَابِرٌ رَضِيَ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي كَرَجُلٍ بَنَى دَارًا، فَأَكْمَلَهَا وَأَحْسَنَهَا إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَهَا وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا وَيَقُولُونَ: لَوْلَا مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ أَخْرَجَاهُ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَفِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ: فَكُنْتُ أَنَا تِلْكَ اللَّبِنَةَ، ﷺ. قَوْلُهُ: «وَمَنْ تَبِعَهُ بِإِحْسَانٍ» .

1 / 90