26

Sharḥ Mukhtaṣar al-Rawḍa

شرح مختصر الروضة

Editor

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
﵊: خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، كُلُّ هَذَا الْمُرَادُ بِهِ نَفْيُ الْوَاسِطَةِ، وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ آيِلٌ إِلَى هَذَا أَيْضًا فَهُوَ الْأَصْلُ، فَالْوَلِيُّ يَلِي رَبَّهُ ﷾ وَيَلِيهِ رَبُّهُ، فَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَلِيَّ يَقْطَعُ الْوَسَائِطَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ﷾ حِينَ يَصِيرُ فِي مَقَامِ الْمُرَاقَبَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ، وَهُوَ مَقَامُ الْإِحْسَانِ الَّذِي فَسَّرَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ. وَالرَّبُّ سُبْحَانَهُ يَجْعَلُ عَبْدَهُ يَلِيهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يُفِيضُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَعَارِفِ وَاللَّطَائِفِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، كَمَا أَعْطَى الْخَضِرَ تِلْكَ الْعُلُومَ اللَّدُنِّيَّةَ بِغَيْرِ وَاسِطَةِ كِتَابٍ مُنَزَّلٍ، وَلَا مَلَكٍ مُرْسَلٍ، وَلَيْسَ هَذَا مُوجِبًا لِتَفْضِيلِ الْوَلِيِّ عَلَى النَّبِيِّ ﵇ كَمَا زَعَمَ بَعْضُ جَهَلَةِ الْمُتَصَوِّفَةِ مُحْتَجًّا بِقِصَّةِ مُوسَى وَالْخَضِرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَقَامَ الْوَلِيِّ مِنَ اللَّهِ ﷾ مَقَامُ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَمَقَامَ النَّبِيِّ ﵇ مَقَامُ الشَّرَفِ وَالتَّعْظِيمِ وَالْقُوَّةِ وَالْعِصْمَةِ، وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ ﵇ مَأْمُورًا بِإِظْهَارِ الْمُعْجِزِ وَإِشَاعَتِهِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ، وَالْوَلِيُّ مَأْمُورًا بِكِتْمَانِ الْكَرَامَةِ وَسَتْرِهَا عَنْ إِدْرَاكِ الْعِبَادِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَلِكَ الْعَظِيمَ قَدْ يَرَى

1 / 77