Sharḥ Mukhtaṣar al-Rawḍa
شرح مختصر الروضة
Editor
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Publisher
مؤسسة الرسالة
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلُهُ: «وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: مُقْتَضَى خِطَابِ الشَّرْعِ» الْمُتَعَلِّقِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ اقْتِضَاءً أَوْ تَخْيِيرًا، فَقَوْلُنَا: خِطَابُ الشَّرْعِ، لِيَتَنَاوَلَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، كَمَا حَكَيْنَاهُ عَنِ الْآمِدِيِّ، وَهُوَ أَوْلَى.
وَأَمَّا قَوْلُنَا: مُقْتَضَى الْخِطَابِ، فَقَدْ بَيَّنَ فَائِدَتَهُ بِقَوْلِهِ: «فَلَا يَرِدُ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ الْخِطَابُ قَدِيمٌ» إِلَى آخِرِهِ.
وَفَائِدَتُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ أَوْرَدُوا عَلَى تَعْرِيفِ الْحُكْمِ بِالْخِطَابِ أَسْئِلَةً:
مِنْهَا: أَنَّ الْخِطَابَ، هُوَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ قَدِيمٌ عِنْدَكُمْ. وَالْحُكْمُ يُعَلَّلُ بِالْعِلَلِ الْحَادِثَةِ، نَحْوَ قَوْلِنَا: حَلَّتِ الْمَرْأَةُ بِالنِّكَاحِ، وَحَرُمَتْ بِالطَّلَاقِ، وَالْمُعَلَّلُ بِالْحَوَادِثِ حَادِثٌ، فَيَلْزَمُ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ عِنْدَكُمْ حَادِثٌ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: أَنَّ الْحُكْمَ صِفَةُ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ، لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا فِعْلٌ حَرَامٌ، وَهَذَا فِعْلٌ وَاجِبٌ، وَصِفَةُ الْحَادِثِ تَكُونُ حَادِثَةً، فَإِذَا قُلْتُمْ: إِنَّ الْحُكْمَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ وَصْفٌ لِلْفِعْلِ الْحَادِثِ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى حَادِثًا.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: إِنَّ الْأَحْكَامَ مَسْبُوقَةٌ بِالْعَدَمِ، إِذْ يُقَالُ: حَلَّتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ حَلَالًا، وَحَرُمَتْ بِالطَّلَاقِ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ حَرَامًا، وَحَرُمَ الْعَصِيرُ بِالتَّخْمِيرِ، وَحَلَّ بِالِانْقِلَابِ، بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَالْمَسْبُوقُ بِالْعَدَمِ حَادِثٌ، فَاحْتَاجَ الَّذِينَ عَرَّفُوا الْحُكْمَ بِالْخِطَابِ إِلَى الْجَوَابِ عَنْ هَذِهِ الْأَسْئِلَةِ.
1 / 255