15

Sharḥ Mukhtaṣar al-Rawḍa

شرح مختصر الروضة

Editor

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عَمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقِدَمُ مِنْ نَفْيِ الْأَوَّلِيَّةِ وَالْمَسْبُوقَةِ بِالْعَدَمِ، وَيُقَابِلُونَهُ بِالْأَبَدِ، وَهُوَ عَدَمُ التَّنَاهِي فِي اسْتِمْرَارِ الْوُجُودِ. يَقُولُونَ مَثَلًا: ذَاتُ اللَّهِ وَصِفَاتُهُ الذَّاتِيَّةُ مَوْجُودَةٌ أَزَلًا وَأَبَدًا، وَفِي الْأَزَلِ وَالْأَبَدِ، فَمَا لَا يَزَالُ عِبَارَةٌ عَنِ الْأَبَدِ أَيْضًا. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَزَلَ عِنْدَهُمْ عِبَارَةٌ عَنْ مَفْهُومٍ لَمْ يَزَلْ، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِيمَا لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ. لَا لِنَفْيِ الْمُسْتَقْبَلِ، وَقَدِ اسْتَعْمَلُوا النَّفْيَ بِهَا بِمَعْنَى الْأَبَدِ، وَ«لَمْ» لِنَفْيِ الْمَاضِي، وَهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ النَّفْيَ بِهَا بِمَعْنَى الْأَزَلِ، فَدَلَّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْأَزَلَ هُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا لَمْ يَزَلْ.
وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ إِلَى أَنَّ لَفْظَ الْأَزَلِ لَيْسَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ، وَلَا يَعْرِفُونَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ تَوْلِيدِ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ، فَكَأَنَّهُمُ اخْتَصَرُوا مَا لَمْ يَزَلْ فِي لَفْظِ الْأَزَلِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْأَزَلُ بِالتَّحْرِيكِ: الْقِدَمُ، يُقَالُ: أَزَلِيٌّ، ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ أَصْلَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ قَوْلُهُمْ لِلْقَدِيمِ: لَمْ يَزَلْ، ثُمَّ نُسِبَتْ إِلَى هَذَا فَلَمْ تَسْتَقِمْ إِلَّا بِاخْتِصَارٍ فَقَالُوا: يَزَلِيٌّ ثُمَّ أُبْدِلَتِ الْيَاءُ أَلِفًا لِأَنَّهَا أَخَفُّ، كَمَا قَالُوا فِي الرُّمْحِ الْمَنْسُوبِ إِلَى ذِي يَزِنٍ: أَزَنِيٌّ.
أَمَّا الْأَبَدُ: فَهُوَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ: الدَّهْرُ، وَالْجَمْعُ آبَادُ، وَالْأَبَدُ أَيْضًا: الدَّائِمُ، وَكَأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَالسَّرْمَدُ: الدَّائِمُ أَيْضًا، وَكَأَنَّهُ مِنَ السَّرْدِ، وَهُوَ الْمُتَابَعَةُ، فَكَأَنَّ

1 / 66