133

Sharh Mukhtasar Rawda

شرح مختصر الروضة

Investigator

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ الشَّارِعِ فِيهَا الْعِبَادَةَ، يَتَضَرَّرُ الصَّبِيُّ بِإِيجَابِهَا فِي مَالِهِ، إِذْ يُوجِبُ فِي مَالِهِ مَالٌ لَا يَلْزَمُهُ. وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ فِيهَا النَّفَقَةَ، يَتَضَرَّرُ الْفُقَرَاءُ بِمَنْعِهِمْ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ، وَإِذَا تَعَارَضَ الضَّرَرُ، فَمُرَاعَاةُ جَانِبِ الْفُقَرَاءِ أَوْلَى، لِأَنَّ مَا يَأْخُذُونَهُ جُزْءٌ يَسِيرٌ مِنَ الْمَالِ، وَالْبَاقِي أَكْثَرُ، وَقَدْ رَاعَى الْعُلَمَاءُ جَانِبَهُمْ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مِنْ بَابِ الزَّكَاةِ، كَضَمِّ أَنْوَاعِ الْجِنْسِ مِنَ الْمَالِ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ، وَفِي الْإِخْرَاجِ بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْقِيمَةِ، وَفِي تَقْوِيمِ الْعُرُوضِ بِمَا هُوَ أَحَظُّ لَهُمْ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَأَمَّا وُجُوبُ الضَّمَانِ بِإِتْلَافِهِمَا، وَإِتْلَافِ كُلِّ مُخْطِئٍ، وَإِتْلَافِ الْبَهِيمَةِ لِلْأَمْوَالِ، فَأَصْلُهُ أَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالتَّكْلِيفِ وَالْعَدْلِ، وَبَابُهُمَا مُخْتَلِفٌ، كَمَا قَرَّرْتُهُ فِي «الْقَوَاعِدِ الصُّغْرَى» . وَمِنَ الْعَدْلِ، أَلَّا تَذْهَبَ حُقُوقُ النَّاسِ الْمَالِيَّةُ هَدْرًا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، لِمَا عُلِمَ مِنْ وَضْعِ أَمْرِهِمْ عَلَى الْفَقْرِ، وَالْحَاجَةِ إِلَى قِوَامِ الْمَعَاشِ، فَلِذَلِكَ كَانَتْ هَذِهِ الْأَفْعَالُ سَبَبًا لِاسْتِدْرَاكِ الضَّرَرِ الْمَالِيِّ، وَإِنْ صَدَرَتْ عَنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ، تَحْقِيقًا لِلْعَدْلِ. فَإِنْ قِيلَ: الْقَاعِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ، أَنَّ الْعُقُوبَاتِ لَا تُنَاسِبُ إِلَّا مَنْ قَصَدَ انْتِهَاكَ الْمَحَارِمِ، وَالْمُخْطِئُ وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ لَمْ يَنْتَهِكْ حُرْمَةً حَتَّى يُعَاقَبَ عَلَيْهَا بِالْغَرَامَةِ، فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الْعُقُوبَةِ، لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ زَاجِرٌ، وَالضَّمَانُ جَابِرٌ، وَلِهَذَا لَمْ تَتَدَاخَلْ، بِخِلَافِ بَعْضِ الزَّوَاجِرِ، كَالْحُدُودِ، فَإِنَّهَا تَتَدَاخَلُ، فَعَلَى هَذَا وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ، زَاجِرٌ تَرَتَّبَ عَلَى خِطَابٍ تَكْلِيفِيٍّ، وَوُجُوبُ الدِّيَةِ فِي

1 / 184