وَيَا ذَا الْقُدْرَةِ الْقَدِيمَةِ الْبَاهِرَةِ، وَالْقُوَّةِ الْعَظِيمَةِ الْقَاهِرَةِ، وَيَا سُلْطَانَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَجَامِعَ الْإِنْسِ وَالْجَانِّ.
ــ
قَوْلُهُ: «وَيَا ذَا الْقُدْرَةِ الْقَدِيمَةِ الْبَاهِرَةِ، وَالْقُوَّةِ الْعَظِيمَةِ الْقَاهِرَةِ، وَيَا سُلْطَانَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَجَامِعَ الْإِنْسِ وَالْجَانِّ» .
لَمَّا كَانَ الْمَرْغُوبُ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ﷾ هَاهُنَا هُوَ التَّوْفِيقَ وَالتَّسْدِيدَ لِلتَّحْقِيقِ، وَالْعِصْمَةَ مِنَ الزَّلَلِ، وَالْحِرَاسَةَ مِنَ الْخَلَلِ، نَاسَبَ أَنْ يُوصَفَ اللَّهُ ﷾، وَيُثْنَى عَلَيْهِ بِالْقُدْرَةِ، وَالْقُوَّةِ وَالسَّلْطَنَةِ الْعَامَّةِ، الَّتِي يَتَحَقَّقُ بِهَا الْمَرْغُوبُ الْمَذْكُورُ.
وَالْقُدْرَةُ: صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِالذَّاتِ يَتَحَقَّقُ بِهَا اخْتِرَاعُ الْمَوْجُودَاتِ، وَالْقَدِيمَةُ: الَّتِي لَا مَبْدَأَ لَهَا فِي الزَّمَانِ، بَلْ قَارَنَ وُجُودُهَا وُجُودَ الذَّاتِ، وَالْبَاهِرَةُ: الْغَالِبَةُ، أَيْ: غَلَبَتْ قُدْرَتُهُ ﷾ كُلَّ مَقْدُورٍ حَتَّى انْقَادَ لَهَا وَهُوَ ذَلِيلٌ مَقْهُورٌ، يُقَالُ: بَهَرَ الْقَمَرُ: إِذَا أَضَاءَ وَغَلَبَ ضَوْؤُهُ ضَوْءَ الْكَوَاكِبِ، وَبَهَرَ فُلَانٌ فُلَانًا: إِذَا غَلَبَهُ، وَبَهَرَتْ فُلَانَةٌ النِّسَاءَ: غَلَبَتْهُنَّ حُسْنًا، وَبَهَرَهُ الْحِمْلُ: غَلَبَهُ حَتَّى تَتَابَعَ نَفَسُهُ، وَهُوَ اللَّهَثُ.
وَالْقُوَّةُ: صِفَةٌ أَثْبَتَهَا اللَّهُ ﷾ لِنَفْسِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذَّارِيَاتِ: ٥٨] ﴿وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا﴾ [الْأَحْزَابِ: ٢٥] .
وَهِيَ فِي التَّحْقِيقِ وَالْأَمْرِ الْعَامِّ: مَعْنًى يَتَحَقَّقُ بِهِ قَهْرُ الْأَضْدَادِ، وَفِعْلُ مَا يُسْتَصْعَبُ فِي عُرْفِ الْمَخْلُوقِينَ، يُقَالُ: فُلَانٌ قَوِيٌّ عَلَى قَمْعِ عَدُوِّهِ، وَعَلَى رَفْعِ الْحِمْلِ الثَّقِيلِ، وَحَكَى اللَّهُ ﷾ عَنْ أَصْحَابِ بِلْقِيسَ أَنَّهُمْ قَالُوا: ﴿نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ﴾
1 / 61