295

Sharḥ al-Ṭībī ʿalā Mishkāt al-Maṣābīḥ al-musammā bi (al-Kāshif ʿan Ḥaqāʾiq al-Sunan)

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

Editor

د. عبد الحميد هنداوي

Publisher

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Publisher Location

الرياض

Genres

٢٥٩ - وعن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: «هل تدرون من أجود جودًا؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «الله تعالى أجود جودًا» ثم أنا أجود بني آدم، وأجودهم من بعدي رجل علم علمًا فنشره، يأتي يوم القيامة أميرًا وحده، أو قال: أمة واحدة».
ــ
بن عبد الله الأنصاري، وأبو بكر البيهقي، وخلائق من المتقدمين والمتأخرين. وقد اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال.
وأقول: ضمن «حفظ» معنى رقب، وعداه بعلى، يقال: احفظ على عنان فرسي ولا تغفل عني، عن المبرد. وفي أساس البلاغة: وهو حفيظ عليه رقيب. وفي المغرب: الحفظ خلاف النسيان، وقد يجعل عبارة عن الصون وترك الابتذال، ويجوز أن يكون حالا من الضمير المرفوع العائد إلى «من» في «من حفظ»، يعني من جمع أحاديث متفرقة مراقبًا إياها بحيث تبقى مستمرة على أمتي، بعثه الله فقيهًا، مثل قوله تعالى: ﴿ابعث لنا ملكًا نقاتل في سبيل الله﴾ أي أقم لنا أميرًا ننتهض معه للقتال. فالمعنى من فعل ذلك أقامه الله فقيهًا يعلم الناس الخير.
فإن قلت: كيف طابق «من حفظ» جوابًا عن سؤال السائل «ما حد العلم»؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما أن يؤخذ لازم معنى الجواب وزبدته، وهي معرفة أربعين حديثًا بأسانيدها، مع رعاية صحيحها وحسنها، على أن يعلمها الناس ويحث على العمل بما هو المقصود فيها، كأنه قيل: حد العلم الذي يصير به الرجل فقيهًا هذا. وثانيهما أن الجواب من الأسلوب الحكيم أي لا تسأل عن حد الفقيه فإنه لا جدوى فيه، بل كن فقيهًا، فإن الفقيه من أقامه الله تعالى لنشر العلم، وتعليم الناس ما ينفعهم، في أمر دنياهم وعقابهم من العلم والعمل. والله أعلم.
الحديث الحادي عشر عن أنس: قوله: «من أجود جودًا؟» «غب»: الجود بذلك المقتنيات مالا كان أو علمًا، يقال: رجل جواد، وفرس جواد، أي يجود بمدخر عدوه، ويقال: في المطر الكثير جود، وفي الفرس جودة، وفي المال جود. وجاد الشيء جودة فهو جيد، ووصف الباري تعالى بالجود لما نبه عليه قوله تعالى: «أعطي كل شيء خلقه ثم هدي».

2 / 707