216

Sharh Mishkat

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

Investigator

د. عبد الحميد هنداوي

Publisher

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Publisher Location

الرياض

Genres

ولتسمع أذنك، وليعقل قلبك. قال: فنامت عيني، وسمعت أذناي، وعقل قلبي». قال: فقيل لي: سيد بنى دارًا، فصنع فيها مأدبة وأرسل داعيًا؛ فمن أجاب الداعي، دخل الدار، وأكل من المأدبة، ورضي عنه السيد، ومن ثم يجب الداعي، لم يدخل الدار، ولم يأكل من المأدبة، وسخط عليه السيد». «قال: فالله السيد، ومحمد الداعي، والدار الإسلام، والمأدبة الجنة» رواه الدارمي [١٦١].
١٦٢ - وعن أبي رافع، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته، يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا أدري، ما وجدنا
ــ
«الكشاف» معنى «قال له ربه أسلم» أخطر بباله النظر في الدلائل المؤدية إلى المعرفة والإسلام، فقال: أسلمت، أي فنظر وعرف، والمعنى أراد الله أن يجمع فيه ﷺ بين أولئك المعاني، فأجمعت فيه. والقول يستعار كثيرًا فيما لا نطق فيه، كما قال الشاعر:
إذا قالت الأنساع للبطن ألحفي يقول سني للنواة طني
وقال الجدار للوتد لم تشقني قال سل عمن يدقني
قوله: «فقيل لي سيد» القول هذا على حقيقته من الملائكة كما في ذلك الحديث، و«سيد» مبتدأ والخبر «بنى» أي سيد عظيم الشأن كثير الإحسان. «شف»: يجوز أن يكون مبتدأ مخصوصًا بالصفة، والخبر محذوف، وأن يكون خبرًا محذوف المبتدأ – انتهى كلامه.
فإن قلت: كيف شبه في ذلك الحديث الجنة بالدار، وفي هذا الإسلام بالدار، وجعل الجنة مأدبة؟ قلت: لما كان الإسلام سببًا لدخول الجنة اكتفى في ذلك الحديث بالمسبب عن السبب، ولما كانت الدعوة إلى الجنة لا تتم إلا بالدعوة إلى الإسلام كما قال الله تعالى: ﴿واللَّهُ يَدْعُو إلَى دَارِ السَّلامِ ويَهْدِي مَن يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ – استقام وضع كل منهما مقام الآخر، وحين كان نعيم الجنة وبهجتها هو المطلوب الأولى جعل الجنة نفس المأدبة مبالغة فيهما.
الحديث الثاني عن أبي رافع: قوله: «لا ألفين» ألفيت الشيء إذا وجدته، وهو كقولك: لا أرينك. ههنا نهى رسول الله ﷺ نفسه عن أن تراهم على هذه الحالة، والمراد نهيهم عن أن يكونوا على تلك الحالة، فإنهم إذا كانوا عليها وجدهم ﷺ كذلك، فهو من باب إطلاق المسبب

2 / 628