إن الله تجاوز"؛ أي: عفا.
"عن أمتي ما وسوست به صدورُها" بالرفع فاعلًا، والمراد: القلوب؛ أي: ما خطرت في قلوبهم من الخواطر المذمومة، ويجوز نصبه مفعولًا به؛ أي: وسوست النفوسُ به صدورَها، وهي إما ضرورية، وهي: التي يستجلبها الطبع البشري من غير قصد، وإما اختيارية، وهي: التي تُلقَى في نفس المؤمن من تزيين المعصية والكفر.
والمراد بها في الحديث هي الاختيارية؛ لأنَّ الضرورية معفوٌ عن جميع الأمم إذا لم يصر عليه؛ لامتناع الخلو عنها؛ يعني: لا يؤاخذهم بما وقع في قلوبهم من القبائح، "ما لم تعمل به أو تتكلم".
وأمَّا قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٤] فمنسوخ بقوله: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، والوُسع: اسم لما يسع الإنسان، ولا يضيق عليه.
* * *
٤٥ - وعن أبي هريرة ﵁ قال: جاءَ ناسٌ منْ أصحابِ النبيِّ ﷺ فسألُوه: إنَّا نجدُ في أنفُسِنَا ما يتعاظَمُ أحدُنَا أنْ يتكلَّمَ بِهِ، قال: "أَوَقَدْ وجدتُمُوهُ؟ "، قالوا: نعم، قال: "ذاكَ صريحُ الإيمانِ".
"وعن أبي هريرة ﵁ أنه قال: قال: جاء ناس"؛ أي: جماعة.
"من أصحاب النَّبيّ - صَلَّى الله تعالى عليه وسلم - إلى النَّبيّ فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به"؛ أي: عظم وشقَّ علينا ذلك بأن يجري في قلوبنا؛ من خلق الله؟ فكيف هو؟ ومن أيِّ شيء هو؟ وغير ذلك ممَّا نعلم أنه قبيحٌ لا نعتقده.
"قال ﵊: أوقد وجدتموه؟ ": الهمزة للاستفهام