Sharh Maqasid
شرح المقاصد في علم الكلام
Publisher
دار المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1401هـ - 1981م
Publisher Location
باكستان
Genres
وثانيهما أن الوحدة مقومة للكثرة ولا شيء من المتقابلين كذلك أما فيما يكون أحدهما عدم الآخر فظاهر وأما في التضايف فلأن المقوم للشيء يتقدم عليه وجودا أو تعقلا والمتضايفان يكونان معا في التعقل والوجود وأما في التضاد فلأن المقوم للشيء يجامعه والضد لا يجامع الضد بل يدافعه فإن قيل هذا كاف في الكل لأن الاجتماع في المحل ينافي القابل مطلقا قلنا ممنوع لما سيجيء من أن المتقابلين بالإيجاب والسلب قد يجتمعان في محل إذا كان ذلك بحسب الوجود دون الصدق وكلا الوجهين ضعيف أما الأول فلأن موضوع المتقابلين لا يلزم أن يكون واحدا بالشخص فكيف يتصور ذلك في مثل الفرسية واللافرسية بل صرحوا بأنه قد يكون واحدا بالشخص كالعدل والجور لزيد أو بالنوع كالرجولية والمرئية للإنسان أو بالجنس كالزوجية والفردية للعدد أو بأمر أعم عارض كالخير والشر للشيء ومع ذلك فيكفي الفرض والتقدير كإنسان للفرسية واللافرسية في قولنا الإنسان فرس والإنسان ليس بفرس والإمام رحمه الله جعل عدم اتحاد موضوع الوحدة والكثرة دليل عدم التضاد بينهما فإن من شأن الضدين التعاقب على موضوع واحد ولو بالإمكان كما إذا كان أحدهما لازما كسواد الغراب وأما الثاني فلأنه إن أريد أن ذات الكثرة متقومة بذات الوحدة فممنوع أما بحسب الخارج فلأنهما اعتباران عقليان وأما بحسب الذهن فلأنا نعقل الكثرة وهو كون الشيء بحيث ينقسم بدون تعقل الوحدة وهو كونه بحيث لا ينقسم وإن أريد أن معروض الكثرة متقوم بمعروض الوحدة بمعنى أن الكثير مؤلف يصدق على كل جزء منه أنه واحد وهذا معنى اجتماع الكثرة من الوحدات فمسلم لكنه لا ينافي التقابل الذاتي بين الوحدة والكثرة العارضتين بل بين معروضيهما ولا نزاع في ذلك ألا ترى أنهم اتفقوا على أن المتقابلين بالذات إذا أخذا مع الموضوع كالفرس واللافرس وكالبصير والأعمى وكالأب والابن وكالأسود والأبيض لم يكن تقابلهما بالذات فكيف إذا أخذ نفس الموضوعين فإن قيل المراد الثاني وهو ينافي التقابل لأن كون أحد المعروضين مقوما بالآخر يستلزم اجتماعهما ضرورة اجتماع الكل والجزء وهو يستلزم اجتماع وصفيهما أو إمكانه لا أقل قلنا ممنوع وإنما يلزم لو كان المعروضان في محل وهو ليس بلازم وإنما اللازم اجتماعهما في الوجود ولو سلم فالاجتماع في المحل إنما ينافي جميع أقسام التقابل إذا كان بحسب الصدق أعني حمل المواطأة لا بحسب الوجود أعني حمل الاشتقاق لما ذكر في أساس المنطق من أن امتناع المتقابلين في موضوع واحد يعتبر في تقابل الإيجاب والسلب بحسب الصدق عليه وفي البواقي بحسب الوجود فيه كالأبيض الحلو فإن فيه البياض واللابياض لأن اللابياض مقول على الحلاوة الموجودة فيه والمقول على الموجود في الموضوع موجود في الموضوع ثم ما يمتنع اجتماعه بحسب الوجود يمتنع بحسب الصدق من غير عكس وما يجوز بحسب الصدق يجوز بحسب الوجود من غير عكس فظهر أنه لا دليل على نفي تقابل الإيجاب والسلب من الوحدة والكثرة بل تفسيرهم الكثرة بالانقسام مطلقا أو إلى المتشابهات والوحدة بعدمه ظاهر في ثبوت ذلك وأما اتفاقهم على نفي التقابل بينهما فمعناه أن الكثرة أي العدد لما كانت متقومة بالآحاد ومتحصلة من انضمامها مجتمعة مع الواحد في المعدود لم يكن بين العدد والواحد تقابل أصلا وهذا ظاهر فيما هو جزء الكثرة وأما الوحدة التي ترد على الكثرة فتبطلها كما إذا جعلت مياه الكيزان في كوز واحد فقد يوهم تضادهما بناء على تواردهما على موضوع واحد هو ذلك الماء مع بطلان أحدهما بالآخر ونفاه الإمام بأنهما ليسا على غاية الخلاف وبأن موضوع كل من الوحدات الزائلة التي هي نفس الكثرة جزء موضوع الوحدة الطارية لا نفسه والكل ضعيف قال المنهج الخامس في العلية والمعلولية من لواحق الوجود والماهية العلية والمعلولية وهما من الاعتبارات العقلية التي لا تحقق لها في الأعيان وإلا لزم التسلسل على ما مر غير مرة بل هما من المعقولات الثانية وبينهما تقابل التضايف إذ العلة لا تكون علة إلا بالنسبة إلى المعلول وبالعكس فلا يجتمعان في شيء واحد إلا باعتبارين كالعلة المتوسطة التي هي علة لمعلولها معلولة لعلتها قال المبحث الأول قد يراد بالعلة ما يحتاج إليه الشيء وبالمعلول ما يحتاج إلى الشيء وإن كانت العلة عند إطلاقها منصرفة إلى الفاعل وهو ما يصدر عنه الشيء بالاستقلال أو بانضمام الغير إليه ثم علة الشيء أعني ما يحتاج هو إليه إما أن تكون داخلة فيه أو خارجة عنه فإن كانت داخلة فوجوب الشيء معها إما بالفعل وهي العلة الصورية وإما بالقوة وهي العلة المادية وإن كانت خارجة عن الشيء فإما أن يكون الشيء بها وهي العلة الفاعلية أو لأجلها وهي العلة الغائية ويخص الأوليان أعني المادية والصورية باسم علة الماهية لأن الشيء يفتقر إليهما في ماهيته كما في وجوده ولذا لا يعقل إلا بهما أو بما ينتزع عنهما كالجنس والفصل ويخص الأخريان أعني الفاعلية والغائية باسم علة الوجود لأن الشيء يفتقر إليهما في الوجود فقط ولذا يعقل بدونهما وتمام هذا الكلام ببيان أمور
( 1 ) أن ما ذكر في بيان الحصر وجه ضبط لأنه لا دليل على انحصار الخارج فيما به الشيء وما لأجله الشيء سوى الاستقراء
Page 152