Sharḥ al-maqāṣid fī ʿilm al-kalām
شرح المقاصد في علم الكلام
Publisher
دار المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1401هـ - 1981م
Publisher Location
باكستان
Genres
وثانيهما أنه لو كان غيره لم يصح استثناء أحدهما من الآخر واللازم باطل لقوله تعالى
﴿فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين﴾
أي فلم نجد ممن كان فيها من المؤمنين إلا أهل بيت من المسلمين واعترض بأنه يكفي لصحة الاستثناء الإحاطة والشمول بحيث يدخل المستثنى تحت المستثنى منه ولا يتوقف على اتحاد المفهوم وقد عرفت أن المراد بالاتحاد عدم التغاير بمعنى الانفكاك نعم لو قيل أنه لا يتوقف على المساواة أيضا بل يصح مع كون المؤمن أعم كقولك أخرجت العلماء فلم أترك إلا بعض النحاة لكان شيئا لا بالعكس على ما سبق إلى بعض الأوهام ذهابا إلى صحة قولنا أخرجت العلماء فلم أترك إلا بعض الناس وقد يستدل بسوق أحد الاسمين مساق الآخر كقوله تعالى
﴿يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين﴾
﴿إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون﴾
﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾
﴿قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا﴾
إلى قوله
﴿ونحن له مسلمون﴾
إلى غير ذلك من الآيات وذهبت الحشوية وبعض المعتزلة إلى تغايرهما نظرا إلى أن لفظ الإيمان ينبئ عن التصديق فيما أخبر الله تعالى على لسان رسله ولفظ الإسلام عن التسليم والانقياد ومتعلق التصديق يناسب أن يكون هو الإخبار ومتعلق التسليم الأوامر والنواهي وتمسكا بإثبات أحدها ونفي الآخر كقوله تعالى
﴿قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا﴾
وبعطف أحدهما على الآخر كما في قوله تعالى
﴿إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات﴾
الآية
﴿وما زادهم إلا إيمانا وتسليما﴾
والتسليم هو الإسلام وبأن جبريل لما جاء لتعليم الدين سأل النبي عن كل منهما على حدة وأجاب النبي لكل بجواب وذلك أنه قال أخبرني عن الإيمان فقال الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه إلى الآخر ثم قال أخبرني عن الإسلام فقال الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله إلى آخره فدل على أن الإيمان هو التصديق بالأمور المذكورة والإسلام هو الإتيان بالأعمال المخصوصة
والجواب عن الأول أنا لا نعني اتحاد المفهوم بحسب أصل اللغة على أن التحقيق أن مرجع الأمرين إلى الإذعان والقبول كما مر والتصديق كما يتعلق بالإخبار بالذات فكذا بالأوامر والنواهي بمعنى كونها حقة وأحكاما من الله تعالى وكذا التسليم
وعن الثاني بأن المراد الاستسلام والانقياد الظاهر خوفا من السيف والكلام في الإسلام المعتبر في الشرع المقابل للكفر المنبئ عنه قولنا آمن فلان وأسلم
وعن الثالث أن تغاير المفهوم في الجملة كاف في العطف مع أنه قد يكون على طريق التفسير كما في قوله تعالى
﴿أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة﴾
Page 261