Sharḥ al-maqāṣid fī ʿilm al-kalām
شرح المقاصد في علم الكلام
Publisher
دار المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1401هـ - 1981م
Publisher Location
باكستان
Genres
وعن الرابع أن المراد السؤال عن شرايع الإسلام أعني أحكامه المشروعة التي هي الأساس على ما وقع صريحا في بعض الروايات وعلى ما قال النبي عليه السلام لقوم وفدوا عليه أتدرون ما الإيمان بالله وحده فقالوا الله ورسوله أعلم فقال شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وأن تعطوا من المغنم الخمس وكما قال صلى الله عليه وسلم الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ( قال المبحث الثالث ظاهر الكتاب والسنة ) وهو مذهب الأشاعرة والمعتزلة والمحكي عن الشافعي رحمه الله وكثير من العلماء أن الإيمان يزيد وينقص وعند أبي حنيفة رحمه الله وأصحابه وكثير من العلماء وهو اختيار إمام الحرمين أنه لا يزيد ولا ينقص لأنه اسم للتصديق البالغ حد الجزم والإذعان ولا يتصور فيه الزيادة والنقصان والمصدق إذا ضم الطاعات إليه أو ارتكب المعاصي فتصديقه بحاله لم يتغير أصلا وإنما يتفاوت إذا كان اسما للطاعات المتفاوتة قلة وكثرة ولهذا قال الإمام الرازي وغيره أن هذا الخلاف فرع تفسير الإيمان فإن قلنا هو التصديق فلا يتفاوت وإن قلنا هو الأعمال فمتفاوت وقال إمام الحرمين إذا حملنا الإيمان على التصديق فلا يفضل تصديق تصديقا كما لا يفضل علم علما ومن حمله على الطاعة سرا وعلنا وقد مال إليه القلانسي فلا يبعد إطلاق القول بأنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ونحن لا يؤثر هذا لا يقال الإيمان على تقدير كونه اسما للأعمال أولى بأن لا يحتمل الزيادة والنقصان أما أولا فلأنه لا مرتبة فوق الكل ليكون زيادة ولا إيمان دونه ليكون نقصانا وأما ثانيا فلأن أحدا لا يستكمل الإيمان حينئذ والزيادة على مالم يكمل بعد محال لأنا نقول هذا إنما يرد على من يقول بانتفاء الإيمان بانتفاء شيء من الأعمال أو التروك كما هو مذهب المعتزلة والخوارج لا على من يقول ببقائه ما بقي التصديق كما هو مذهب السلف إلا أن الزيادة والنقصان على هذا تكون في كمال الإيمان لا في أصله ولهذا قال الإمام الرازي وجه التوفيق أن ما يدل على أن الإيمان لا يتفاوت مصروف إلى أصله وما يدل على أنه يتفاوت مصروف إلى الكامل منه ولقائل أن يقول لا نسلم أن التصديق لا يتفاوت بل يتفاوت قوة وضعفا كما في التصديق بطلوع الشمس والتصديق بحدوث العالم لأنه إما نفس الإعتقاد القابل للتفاوت أو مبني عليه قلة وكثرة كما في التصديق الإجمالي والتفصيلي الملاحظ لبعض التفاصيل وأكثر وأكثر فإن ذلك من الإيمان لكونه تصديقا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم إجمالا فيما علم إجمالا وتفصيلا فيما علم تفصيلا لا يقال الواجب تصديق يبلغ حد اليقين وهو لا يتفاوت لأن التفاوت لا يتصور إلا باحتمال النقيض لأنا نقول اليقين من باب العلم والمعرفة وقد سبق أنه غير التصديق ولو سلم أنه التصديق وأن المراد به ما يبلغ حد الإذعان والقبول ويصدق عليه المعنى المسمى بكرويدن ليكون تصديقا قطعيا فلا نسلم أنه لا يقبل التفاوت بل لليقين مراتب من أجلى البديهيات إلى أخفى النظريات وكون التفاوت راجعا إلى مجرد الجلاء والخفاء غير مسلم بل عند الحصول وزوال التردد التفاوت بحاله وكفاك قول الخليل صلى الله عليه وسلم مع ما كان له من التصديق ولكن ليطمئن قلبي وعن علي رضي الله تعالى عنه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا على أن القول بأن المعتبر في حق الكل هو ا ليقين وأن ليس للظن الغالب الذي لا يخطر معه النقيض بالبال حكم اليقين محل نظر احتج القائلون بالزيادة والنقصان بالعقل والنقل أما العقل فلأنه لو لم يتفاوت لكان إيمان آحاد الأمة بل المنهمك في الفسق مساويا لتصديق الأنبياء والملائكة واللازم باطل قطعا وأما النقل فلكثرة النصوص الواردة في هذا المعنى قال الله تعالى
﴿وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا﴾
﴿ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم﴾
﴿ويزداد الذين آمنوا إيمانا﴾
﴿وما زادهم إلا إيمانا وتسليما﴾
﴿فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا﴾
وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قلنا يا رسول إن الإيمان هل يزيد وينقص قال نعم يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة وينقص حتى يدخل صاحبه النار وعن عمر رضي الله تعالى عنه وروي مرفوعا لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان هذه الأمة لرجح به وأجيب بوجوه
Page 262