Sharh Ma'ani Shi'r Al-Mutanabbi by Ibn Al-Ifleili - Second Volume

Ibn Iflili d. 441 AH
58

Sharh Ma'ani Shi'r Al-Mutanabbi by Ibn Al-Ifleili - Second Volume

شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الثاني

Investigator

الدكتور مُصْطفى عليَّان

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

ورجال غدر، والرب: المالك. فيقول مخاطبا لقلبه، ومهونا لفراق سيف الدولة على نفسه: حببتك أيها القلب قبل حبك لسيف الدولة الذي نأى عنك، وتباعد منك، وقد كان غدارا في فعله، وغير مقارض لك فيما كنت عليه من وده، فكن أيها القلب راضيا لي بالسلوة عن حبه، والإعراض عن التطلع إلى ذكره. ثم قال: واعلم أيها القلب أن الذي أنت عليه من الوفاء لمن صحبته، والتعلق بمودة من صافيته، يوجب عليك أن تشجى لبعده، وتستوحش لفقده، فلست فؤادي إن أشكاك ما آثرته في أمره، وما تخيرته من المفارقة لأرضه. ثم أكد ما قدمه فقال: فإن دموع العين غادرة بربها، ظالمة للباكي بها، إذا كانت جارية في إثر الغادرين به، مستعملة عند ذكر القاطعين له. إِذا الجُودُ لم يُرْزَقْ خَلاصًا مِنَ الأَذى ... فلا الحَمْدُ مكسوبًا ولا المالُ باقيا وَلِنَّفْسِ أحْوَالٌ تَدُلُّ على الفَتَى ... كانَ سَخَاءً ما أَتَى أَم تَساخِيا السخاء: معروف والتساخي: استعمال السخاء على غير نية. فيقول معرضا لسيف الدولة، وبحاله عنده: إذا الجود لم يرزق خلاصا من أذى المستعمل له، حتى يكون سالما غير مكدر، وهنيا غير منغص، فذلك الجود عناء من متكلفه، تعب من متمونه؛ لأنه لا يستفيد به حمدا يدخره، ولا يجر إليه شكرا يكتسبه، وماله مع ذلك ذاهب، وما يسديه من الإحسان ضائع. ثم قال: وللنفس أحوال ظاهرة، وآثار شاهدة، تدل على الإنسان، سخاؤه إرادة وتطبع، لأن الكريم يغتبط بأياديه؛ فيتابعها ويحتفظها، والمتكلف للكرم يتندم عليه؛ فيضيعها ويفسدها. أَقِلَّ اشْتِياقًَا أَيُّها القَلْبُ رُبَّما ... رَأَيْتُكَ تُصْفِي الوُدَّ مَنْ لَيْسَ جَازِيَا خُلِقْتُ أَلوفا لو رَحَلْتُ إلى الصَّبا ... لَفَارَقْتُ شَيْبِي مُوْجَعَ القَلْبِ باكِيا

1 / 58