Sharh Ma'ani Shi'r Al-Mutanabbi by Ibn Al-Ifleili - Second Volume

Ibn Iflili d. 441 AH
122

Sharh Ma'ani Shi'r Al-Mutanabbi by Ibn Al-Ifleili - Second Volume

شرح معاني شعر المتنبي لابن الإفليلي - السفر الثاني

Investigator

الدكتور مُصْطفى عليَّان

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

واقتدر على ذلك بما اجتمع فيه من الكرم والقوة، وأنزل عنه والبهر لا يلحقه، والكلال لا يدركه، على مثل حاله عند ركوبي له، قد بلغ ما طلبه بعفوه، واستظهر على ذلك بأيسر سعيه. وما الخَيْلُ إِلاَّ كالصَّدِيْقِ قَلِيْلَةٌ ... وإِنْ كَثُرَتْ في عَيْنِ مَنْ لا يُجَرَّبُ إِذا لم تُشَاهِدْ غَيْرَ حُسْنِ شِيَاتِها ... وأَعْضَائِها فالحُسْنُ عَنْكَ مُغَيَّبُ الشيات: العلامات، واحدها شية. فيقول: وما الخيل في كثرة عدتها، وقلة ما بقي بما يراد من خبرتها، إلا كالصديق الذي ينتحل لك اسمه أكثر من تأتي عليه معرفتك، ومن تتصل به مشاهدتك، فإذا طالبت حقيقة هذا الاسم، ومن يتقلده، واقفا عند شروطه، صار بيدك عدما لا تدركه، وعزيزا لا تكاد تلحقه. فأشار إلى أن العتيق من الخيل قليل بالجملة، كما أن الصديق من الناس عدم عند الخبرة. ثم أكد ما قدمه، فقال: إذا لم تشاهد من الخيل غير حسن شياتها وأعضائها، ومناظرها وأجسامها، فحسنها مغيب عنك، وما تراه له بعيد منك، وإنما حسن الخيل في كرم خبرتها، وتأتيها للفرسان وسرعتها. لَحَا اللَّهُ ذِي الدُّنيا مُنَاخًا لِراكبِ ... فَكُلُّ بَعِيْدِ الهَمَّ فيها مُعَذَّبُ أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَقُولُ قَصِيْدَةً ... فَلاَ أَشْتَكِي فيها ولا أَتَعَتَّبُ لَحا: بمعنى أبعد، وذي: اسم مبهم يشار به إلى المؤنث، كما يشار به إلى المذكر، والمناخ: موضع النزول، والهم والهمة: ما رمى إليه الإنسان بأمله، والقصيدة من الشعر: معروفة، والتعتب: التسخط. فيقول: لحا الله هذه الدنيا منزلا لراكب يقطع فيها مسافة عمره، ويتقلب بين خطوبها فيما يحاول من أمره، فما تزال غادرة بأهلها، جائزة في حكمها، تعذب البعيد الهمة بقلة الاستعداد له، وتؤمله لشدة الاغترار به.

1 / 122