106

Sharh Ma Bacd Tabica

شرح ما بعد الطبيعة

قال ارسطو وسنفحص عن هذا المذهب اذا ميزنا الاضداد واقسام الفلسفة واجزاؤها على عدد الجواهر فمعلوم ان لهذه الجواهر جوهرا واحدا يتقدمها ارفع من جميعها اضطرارا واجناسه الاول الواحد والموجود ولذلك تتبع العلوم لهذه الاجناس فان الفيلسوف يشبه صاحب علم التعاليم فان للعلم التعليمى اجزاء ومن هذه العلوم التعليمية ما هو اول ومنها ما هو ثان وكذلك سائرها على هذا المثال فاذا وجب لعلم واحد النظر فى الموضوعات على المعادلة وعديل الواحد فى الوضع الكثرة فمعلوم انه لعلم واحد النظر فى السالب والعدم لان النظر فى كليهما واحد لواحد فاما ان يكون سالبا واما ان يكون العدم الذى يقال مرسلا انه ليس لهذا الشىء او لجنس من الاجناس فبين الواحد والسلب فصل لان السالب هو نفى الواحد واما العدم فله طبيعة من الطبائع موضوعة له ويحمل العدم عليها فاذا كان يعادل فى الوضع للواحد الكثرة فمعلوم ان الاشياء التى قيلت يعادلها فى الوضع الغير والذى لا شبيه والذى ليس مساو وسائر الاشياء التى تقال بهذا النوع او بنوع الكثرة واذا كان للعلم الذى قلنا المعرفة بالواحد وكانت الضدية شيئا واحدا من هذه الاشياء ويقال الواحد على انواع كثيرة فمعلوم ان هذه الاضداد تقال ايضا على انواع كثيرة ولعلم واحد المعرفة بجميعها مثل ما يعرف الواحد لانه ان كانت تقال هذه الاشياء على انواع كثيرة فليس معرفتها لعلوم شتى بل انما تكون معرفتها لعلوم شتى اذا لم يكن خاصا لها كما قلنا شىء واحد ولم تقل على شىء واحد فاذا نسب جميع الاشياء الى الاول الذى هو اول لها كقولنا ان جميع الاشياء التى تقال واحد تنسب الى الواحد المتقدم بالاولية وكذلك نقول فى الذى يقال هو بعينه وفى الذى يقال غيره وفى الاضداد فينبغى ان نفصل اولا على كم نوع يقال كل واحد من هذه وكذلك ننسبها الى اوائلها ونخبر كيف ينسب اليها فى جميع المقولات فان من الاشياء ما يقال اول لان له اول بنوع من الانواع ومنها ما يقال اول لانه يفعل فعلا من افاعيل الاول بنوع من الانواع ومنها ما يقال اول بنوع اخر من هذه الانواع فمعلوم انه ينبغى ان نعلم هذه الاشياء وان نعرف حدها وحد الجوهر وهذا الطلب هو واحد مما فحصنا عنه فى المسائل الغامضة التفسير قوله وسنفحص عن هذا المذهب اذا ميزنا الاضداد يريد نفحص ونبين ان جميع الاضداد تنسب معرفتها الى هذا العلم الاول اذا ميزنا على كم نوع تقال الاضداد ثم قال واقسام الفلسفة واجزاؤها على عدد الجواهر الى قوله اضطرارا يريد وان كانت اقسام هذا العلم المسمى فلسفة اولى واجزاؤها على عدد انواع الجواهر وكانت الجواهر كثيرة فمعلوم ان لهذه الجواهر جوهرا واحدا يتقدمها ارفع من جميعها اضطرارا ثم قال واجناسه الاول الواحد والهوية يريد ومعلوم انه تكون اجناس هذا العلم الاول الواحد والموجود ثم قال ولذلك تتبع العلوم لهذه الاجناس يريد ولذلك تتبع اجناس اجزاء العلم الواحد منها اجناس الموجودات اى تكون بعددها وتتبع اجزاء العلم الواحد منها اجزاء الموجودات التى فى ذلك العلم ولذلك يكون عدد اجزاء هذا العلم هو على عدد انواع الجواهر واجناسها ثم قال فان الفيلسوف يشبه صاحب العلم التعليمى فان للعلم التعليمى اجزاء وهى هذه العلوم التعليمية فمنها ما هو اول ومنها ما هو ثان وكذلك سائرها على هذا المثال يريد ان الحال فى اجزاء الفلسفة الاولى كالحال فى اجزاء التعاليم فكما ان التعاليم منها جزء اول وهو العدد مثلا او الهندسة ومنها اجزاء ثوان مثل المناظر والموسيقى كذلك الحال فى اجزاء هذا العلم وذلك ان الاول منها هو الناظر فى الجواهر المفارقة اعنى لا الاول فى التعليم بل الاول فى الوجود ومنها ثوان وهو الناظر فى الجوهر المحسوس وهذا هو بحسب الاول فى الوجود واما الاول فى المعرفة فهو الجوهر المحسوس فان النظر فى الجوهر المحسوس ولواحقه هو اول فى المعرفة والنظر فى الجوهر المفارق هو اخر فى المعرفة اول فى الوجود ولذلك سمى علم ما بعد الطبيعة اى بعد النظر فى الجوهر المحسوس المطلق عليه اسم الطبيعة ولما بين ان هذا العلم ينظر فى الواحد وكانت الكثرة تقابل الواحد اما على نحو السلب واما على نحو العدم وكان النظر فى المتقابلين لعلم واحد اخذ يبين ذلك فقال فاذا وجب لعلم واحد النظر فى الموضوعات على المعادلة وعديل الواحد فى الوضع الكثرة يريد واذا وجب ان يكون العلم الواحد بعينه هو الناظر فى موضوعاته المتقابلة والكثرة تقابل الواحد فمعلوم ان هذا العلم اذا نظر فى الواحد فله النظر فى الكثرة ثم اتا بحجة على ذلك فقال فمعلوم انه الى قوله او لجنس من الاجناس يريد وانما وجب ان يكون النظر لهذا العلم فى الموجب والسالب وان يكون له النظر فى الواحد والكثرة لان الواحد اما ان يكون يدل على سلب الكثرة واما ان يكون يدل على عدمها العدم المرسل اعنى المطلق لا العدم الذى يوجد للشىء فى وقت دون وقت وفى موضوع دون موضوع ثم قال فبين الواحد والسلب فصل لان السالب هو نفى الواحد واما العدم فله طبيعة من الطبائع موضوعة له ويحمل العدم عليها يريد وانما قلنا ان الواحد اما ان يقابل الكثرة بالسلب والايجاب او بالملكة والعدم لان بين السلب والعدم فرقا وهو ان السلب نفى الشىء المسلوب باطلاق والعدم هو نفى عن طبيعة محدودة واذا وصفت تلك الطبيعة بالعدم كان ذلك فى صورة الايجاب وهو الذى اراد بقوله ويحمل العدم عليها˹ والفرق بين السلب والعدم قد تبين فى علم المنطق وسنبين الوجه الذى به يقابل الواحد الكثرة فى المقالة التى يتكلم فيها فى الواحد والكثرة وسائر الاضداد فانه ليس نحتاج من ذلك فى هذا الموضع الا ان نبين انه مقابل فقط باى نحو اتفق من النحوين ثم قال فاذا كان معادلا فى الوضع للواحد الكثرة فمعلوم ان الاشياء التى قيلت يعادلها فى الوضع الغير والذى لا شبيه والذى ليس بمساو وسائر الاشياء التى تقال بهذا النوع او بنوع الكثرة يريد ومعلوم انه اذا كان عديل الواحد فى المقابلة الكثرة فمعلوم ان الهوهو يقابله الغير والشبيه يقابله لا شبيه والمساوى يقابله لا مساو وما اشبه ذلك من الاشياء التى تتقابل بهذا النوع او بنوع الواحد والكثرة ثم قال واذا كان للعلم الذى قلنا المعرفة بالواحد وكانت الضدية شيئا واحدا من هذه الاشياء ويقال الواحد على انواع كثيرة فمعلوم ان هذه الاضداد تقال ايضا على انواع كثيرة يريد فمعلوم اذا كان لهذا العلم المعرفة بالواحد وكان اسم الواحد قد يقال على الضدية اى يقال ضد واحد وكان الواحد يقال على كثرة فبين ان اسم الضد يقال على اشياء كثيرة ثم قال ولعلم واحد المعرفة بجميعها مثل ما يعرف الواحد يريد ويجب لمكان هذا كله ان يكون لعلم واحد معرفة جميع انواع الاضداد وهو هذا العلم من قبل ان له معرفة انواع الواحد ثم قال لانه ان كانت تقال هذه الاشياء على انواع كثيرة فليس معرفتها لعلوم شتى الى قوله ولم تقل على شىء واحد يريد فانه ان كانت هذه الاشياء تقال على اشياء كثيرة فليس علمها لعلوم كثيرة لان الاشياء الكثيرة التى هى لعلوم كثيرة هى الكثيرة التى لا تنسب الى شىء واحد واما هذه فانها تنسب الى شىء واحد فهى لعلم واحد كما بينا قبل ثم قال فاذا نسب جميع الاضداد الى الاول الذى هو لها اول كقولنا ان جميع الاشياء التى تقال واحد تنسب الى الواحد المتقدم بالاولية الى قوله وكذلك ننسبها الى اوائلها يريد واذا كانت هذه كلها لها اول تنسب اليه وكان الواجب فى هذا العلم ان يعرف الاول منها فى جنس جنس وكيف نسبة ما فى ذلك الجنس اليه مثال ذلك ان جميع الاشياء التى يقال عليها واحد ينبغى ان نعرف الواحد المتقدم عليها ومرتبة الاشياء الواحدة منه وكذلك الحال فى الاضداد والهوهو والغير فينبغى ان نتقدم اولا فنعلم على كم نوع من هذه الاشياء يقال كل واحد منها ثم ننسبها الى مبادئها وهذا الفعل الذى قاله هو الذى فعله فى المقالة المرسوم عليها حرف الدال فانه افردها بهذا النظر لتعديد المعانى التى تقال عليها اسماء الاشياء التى ينظر فيها هذا العلم وقوله ونخبر كيف ينسب اليها فى جميع المقولات يريد انه يخبر بالاول الذى فى جنس جنس من هذه الاشياء وذلك ان هذه الاشياء توجد فى اكثر من مقولة واحدة مثل الواحد فى الكم والكيف والجوهر وهذا الذى يطلب ان يبين الاول فى كل واحد من هذه المقولات ويبين اول المقولة التى هى علة لهذه المقولات وهو اول الجوهر فانه الاول باطلاق لجميع الاشياء التى فى مقولة مقولة من المقولات ثم قال فان من الاشياء ما يقال اول لان له اولا بنوع من الانواع ومنها ما يقال اول لانه يفعل فعلا من افاعيل الاول بنوع من الانواع ومنها ما يقال اول بنوع اخر من هذه الانواع يريد وكذلك ينبغى ان نتقدم فنعرف على كم نوع معنى يقال الاول فان منه ما يقال اولا لان له نوعا من انواع الاول ومنه ما يقال اولا لا لان له نوعا من انواع الاول بل لان له فعلا من افعال الاول او انفعالا من انفعال الاول يريد او يقبل فعلا من افعال الاول ثم قال فمعلوم انه ينبغى ان نعلم هذه الاشياء وان نعرف حدها وحد الجوهر يريد واذا كان ذلك كله كما وصفنا فبين انه ينبغى لصاحب هذا العلم ان يعرف حدود هذه الاشياء وحدود الجوهر الذى هو علة لهذه كلها ثم قال وهذا الطلب هو واحد مما فحصنا عنه فى المسائل الغامضة يريد وهذه الاشياء التى تبين هنا ان هذا العلم ينظر فيها هى احدى المسائل الغامضة التى فحصنا عنها فى المقالة التى قبل هذه

[5] Textus/Commentum

Page 324