Sharh Ma Bacd Tabica

Averroes d. 595 AH
102

Sharh Ma Bacd Tabica

شرح ما بعد الطبيعة

قال ارسطو ان لعلم واحد من العلوم النظر فى الهوية على كنهها والنظر فى الاشياء التى هى للهوية بذاتها وليس هذا لعلم واحد من العلوم التى يقال انها جزئية لانه ليس لعلم من العلوم الجزئية النظر فى كلية الهوية على كنهها بل انما للعلوم الجزئية النظر فى العرض الذى يعرض الجزء من اجزاء الهوية منفصلا منها مثل الذى تفعل العلوم التعاليمية فاذا كان طلبنا الاوائل والعلل القصوى فمعلوم انه باضطرار تكون هذه الاوائل كاوائل طبيعة من الطبائع مفردة بذاتها واذا طلب هذه الاوائل اولئك الذين طلبوا اسطقسات الهوية مضطر الا تكون اسطقسات الهوية بنوع العرض بل كائنة بالكنه ولذلك ينبغى لنا ان نطلب العلل التى فى الهوية على كنهها التفسير هذه المقالة ينحصر القول فيها فى جملتين اوليتين احداهما القول فى نحو نظر هذا العلم وكيف ينظر وحل المسائل العارضة فى ذلك وذلك انه لما كان كما يقول ارسطو فى الحادية عشر من الحيوان ان فى كل علم شريف ووضيع نوعين من العلم احدهما معرفة الشىء الذى تقصد معرفته والاخر ادب من الاداب يريد علم المنطق المختص بذلك العلم وجب ايضا ان يكون فى هذا العلم نحو ان من العلم وذلك ان كل علم فله جنس محدود ينظر فيه واسباب محدودة واعراض محدودة ونحو من البرهان والحد محدود ومعرفة هذا هو النظر الذى يخص ذلك العلم فالجملة الاولى من هذه المقالة يتكلم فيها فى تحديد موضوع الصناعة ولواحقها واسبابها وبالجملة فى الامور المنطقية التى تخص هذا العلم والجملة الثانية يتكلم فيها مع السفسطانيين الذين يجحدون المقدمات الاول ويبطلون النظر بعد ان يبين ان صاحب هذا العلم هو الذى يجب عليه ان يتكلم مع هولاء فلما كان كما قلنا غرضه ان يتكلم فى نحو نظر هذه الصناعة وكان قد فحص فى المقالة التى قبل هذه عن العلم الذى يسمى حكمة اى علم هو فقال هو انه ان كان علم جميع الاسباب لعلم واحد فهذا العلم هو الذى ينبغى ان يسمى حكمة ثم بين انه ليس لعلم واحد النظر فى اسباب جميع الهويات اذ كانت الهويات مختلفة من قبل انه يوجد فى بعضها من الاسباب الاربعة ما لا يوجد فى بعض وانما كان يمكن ذلك لو كانت الموجودات جنسا واحدا مثل البيت الذى توجد له العلل الاربعة ثم افضى به القول الى ان الحكمة لعلها التى تنظر فى اشرف الاسباب وهى الغاية الاولى والصورة الاولى اخذ يبين الامر فى هذه المقالة على طريقة البرهان والبيان التام فقال ان لعلم من العلوم النظر فى الهوية على كنهها والنظر فى الاشياء التى للهوية بذاتها يريد فنقول انه من المعلوم بنفسه ان هاهنا علما ينظر فى الموجود بما هو موجود وفى الاعراض الذاتية للموجود بما هو موجود ثم قال وليس هذا لعلم واحد من العلوم التى يقال انها جزئية لانه ليس لعلم من العلوم الجزئية النظر فى كلية الهوية على كنهها يريد ويظهر انه ليس هذا النظر لعلم واحد من العلوم الجزئية لانه معلوم انه ليس لعلم من العلوم الجزئية النظر فى الموجود بما هو موجود ثم قال بل انما للعلوم الجزئية النظر فى العرض الذى يعرض لجزء من اجزاء الهوية منفصلا منها مثل الذى تفعل العلوم التعاليمية يريد اذ كان من المعلوم ايضا ان العلوم الجزئية انما تنظر فى الاعراض التى تعرض لجزء من اجزاء الموجودات اخذت ذلك الجزء كانه منفصل من الموجود مثل ما تفعله العلوم التعاليمية فانها تاخذ الاعداد والاعظام منفصلة من الموجود وتنظر فيها وفى اعراضها الذاتية وكذلك العلوم الطبيعية انما تنظر فى بعض الموجود وهو الموجود المتحرك وفى الاعراض الذاتية له بما هو متحرك وفى الحركة ثم قال فاذا كان طلبنا الاوائل والعلل القصوى فمعلوم انه باضطرار تكون هذه الاوائل كاوائل طبيعة من الطبائع مفردة بذاتها يريد واذا كان من المعلوم انا انما نطلب فى هذه الصناعة الاوائل القصوى التى هى اوائل باطلاق فمن البين انه يجب ان نطلب هذه الاوائل لهذه المحسوسات على هذه الجهة التى نطلب اوائل طبيعة قائمة بذاتها يريد ان الاوائل باطلاق يجب ان تطلب للموجودات التى هى باطلاق وان عرض لبعضها ان تكون محسوسة غير مطلقة فانما تطلب لها هذه الاوائل من حيث هى موجودة باطلاق لا من حيث هى موجودات ما كانك قلت متحركة او تعاليمية ثم قال واذا طلب هذه الاوائل اولئك الذين طلبوا اسطقسات الهوية مضطر الا تكون اسطقسات الهوية بنوع العرض بل كائنة بالكنه ولذلك ينبغى لنا ان نطلب العلل التى للهوية على كنهها يريد ولهذا الذى قلناه فمتى طلب المتقدمون المبادى الاول للموجودات بما هى موجودات ولم يطلبوها للموجودات التى بصفة ما فطلبهم للاسباب بالذات واذا طلبوها للموجودات التى بصفة ما فطلبهم للاسباب بالعرض يعنى انهم لما طلبوا الاسباب للموجود ولم يطلبوها للموجودات المتغيرة مثلا كان طلبهم ذاتيا ولو طلبوها لموجودات مخصوصة لكان طلبا عرضيا

[2] Textus/Commentum

Page 300