الشرح: تعلق هذا بما قبله ظاهر، وكما أنه أمر بالراحة قبل شرب الخربق لمن يحتاج إلى شربه ولا يواتيه القئ بسهولة، كذلك أمر بالحركة بعد شربه؛ وذلك لأن الحركة ملطفة مسيلة مثورة، ويدل على ذلك ركوب السفن، فإنه يثور الأبدان ويهيج A فيها القئ والغثيان، فإذا كانت الحركة يلزمها ذلك فمع اجتماع شرب الخربق والحركة يكون ذلك أكثر لامحالة، وهذا إذا أردنا أن يكون استفراغ الخربق والحركة يكون ذلك أكثر لا محالة وأقوى. بقى هاهنا أسئلة، أحدها: لم (176) قال: "وقد يدل ركوب السفن"؟ ولم يقل: إن ذلك دائما. وذلك لأن من الناس قوم لا يحصل لهم بركوب السفن قئ ولا غثيان، فلا يدل ركوبهم السفن على أن الحركة مثورة. وثانيها: لم (177) كانت حركة ركوب السفن يلزمها ذلك، مع أن حركة البدن فيها قليلة؟ ولو كان ذلك لأجل الحركة، يحصل ذلك غن حركة البدن إذا كانت مساوية لحركته بركوب السفن؛ فكيف لما هي أقوى. فنقول: إن ذلك لما يلزم حركة البدن بركوب السفن حركة النفس، وذلك لأن النفس يلزمها من ذلك فزع بما تشاهد في ذلك من الهول، وذلك لأن الساكن يلزمه أن تكون (178) نسبته إلى B الأشياء الساكنة واحدة، والمتحرك يلزمه أن تكون (179) نسبته إلى الأشياء الساكنة متبدلة، والذي في السفينة النفس تعلم سكونه ثم ترى الأشياء تتبدل نسبها إليه فتظن أن العالم كله يتحرك وذلك مهول للنفس لا محالة. فإن قيل: إن تثور الأخلاط إذا كان إنما لزم راكب السفينة لأجل ما يلزمه من تحريك النفس الحركة العظيمة المفزعة، فما ليس كذلك لا يلزم أن يكون مثورا، وحينئذ لا ينتفع بالحركة على شرب الخربق. قلنا : إذا كانت هذه الحركة العظيمة يلزمها هذا التثوير العظيم، فالحركة الخفيفة يلزها -لامحالة- تثوير ما، ولكنه يكون خفيفا لأن السبب كما أنه كلما قوى قوى تأثيره، كلما ضعف ضغف تأثيره ولكن يكون تأثيرا ما. وثالثها: إنه إذا صح ما قلتموه، فإنما ينبغي أن نتحرك إذا أردنا أن يكون الاستفراغ كثيرا، أما لو أردنا أن يكون الاستفراغ قليلا لم يجب ذلك. فلما أطلق القول A وأمر بالحركة مطلقا قلنا لأن غالب من يسقى الخربق يكون عرضة أن يكون استفراغه كثيرا، فأطلق القول لأجل الحكم الغالب.
[aphorism]
قال أبقراط: إذا أردت أن يكون استفراغ الخربق أكثر، فحرك البدن؛ وإذا أردت أن تسكنه، فنوم الشارب له ولا تحركه.
[commentary]
الشرح: تعلق هذا بما قبله ظاهر، وكذلك معناه ظاهر. ولا شك أنه إذا كان شئ يلزمه تثوير الأخلاط وتحريكها، فعدمه يلزمه عدم ذلك، وخصوصا النوم، فإنه مع ما فيه من السكون البدني يلزمه السكون النفسي.
[aphorism]
قال أبقراط: شرب الخربق خطر لمن كان بدنه صحيحا، وذلك أنه يحدث به تشنجا.
[commentary]
Page 180