301

7

[aphorism]

قال أبقراط: من أصابه الصرع قبل نبات الشعر في العانة فإنه يحدث له * انتقال (94) ، فأما من عرض له وقد أتى عليه من السنين * خمس (95) وعشرون سنة فإنه يموت وهو به.

[commentary]

الشرح هاهنا مباحث ثلاثة.

البحث الأول

في الصلة: وهو أنه لما كان الصرع يلزمه تشنج عام * وكان (96) قد تقدم منه ذكر الشتنج والتمدد، أعقب ذكره بذكر ذلك. وصار الصرع يتبعه تشنج لأن الدماغ إذا امتلأ من المواد الغليظة لا يخلو إما أن يقوى فيدفع المواد عن نفسه إلى الفروع النابتة منه أو لا يقوى على ذلك. فإن كان الأول حصل في تلك الأعضاء التشنج، وإن كان الثاني رام هو أن يدفعها عن نفسه. وعند ذلك ينقبض ويجتمع إلى ذاته طلبا للدفع * فتجتمع (97) الأعصاب تبعا * له (98) لأنها فروعه فتتشنج وتتقلص. وقد علمت أن كل تشنج فهو إما لامتلاء وإما لاستفراغ وإما لكيفية سمية. والتشنج الصرعي لا يكون للامتلاء وللكيفية * السمية (99) ولا يكون عن الاستفراغ لوجهين: أحدهما أن الاستفراغ يكون حدوثه بالتدريج والصرع دفعة؛ وثانيهما أن الاستفراغ لا يبلغ أن يحدث جفافا في جوهر الدماغ والأعصاب الناشبة منه * إلا (100) ويتبعه الهلاك.

البحث الثاني:

الصرع أكثر حدوثه عن مواد بلغمية، وإن كان قد يحدث عن غيرها لكن ذلك نادر وأحكام الطب أكثرية. وإنما قلنا إن أكثر حدوثه عن البلغم لوجهين: أحدهما لمناسبته لمزاجه؛ وثانيهما أن * سد (101) البلغم لمنافذ الأعصاب ومسالكها أبلغ من * سدة (102) غيره من المواد لها، وذلك لكثرته وغلظه ولزوجته، فإن هذا المجموع لم يحصل فيما عدا البلغم من * المواد (103) ، فلذلك كان أنسب بحدوث الصرع. ولما كان حال الصرع كذلك حكم الأوحد أبقراط ببرئه بالانتقال في السن * المذكورة (104) ، وكذلك في البلد والتدبير قياسا على السن، وهذا القدر قد ذكره في المقالة PageVW5P198A الثانية. والذي نقوله الآن أن لفظة الانتقال على ما قاله جالينوس يقال بالحقيقة على انتقال المادة من عضو ثم هذا عند الأطباء على نوعين: انتقال جيد، وانتقال رديء. فالأول كما إذا انتقلت المادة من عضو رئيس إلى عضو خسيس، والثاني مثل العكس. وقد يقال بالاستعارة على كل انتقال يعرض، ومراد أبقراط بالانتقال هذا الانتقال. فإن الصرع إذا حصل قبل نبات الشعر في العانة، وذلك قبل * الأربع (105) عشر سنة، فإذا انتقل في السن وحصل نبات الشعر، فإن الحرارة عند ذلك تقوى وتشتد وتتناقص الرطوبات وتأخذ في الجفاف ويحصل الاستفراغ بخروج المادة المنوية، فمتى لم يزل الصرع بهذا القدر * بقي (106) العمر، فلذلك قال «يموت وهو به». * وإذا (107) كان عروضه بعد * الخمس (108) والعشرين سنة فإنه لا يرجى له برء لأنه لم يحصل للإنسان بعد هذه السن انتقال آخر إلى جانب الحرارة بل إلى جانب البرودة وتوفر الرطوبات لا سيما الفضلية المناسبة PageVW1P133A لمادة المرض المذكور.

البحث الثالث:

Unknown page