Sharh Fusul Abuqrat
شرح فصول أبقراط
Genres
[فصل رقم 109]
[aphorism]
قال أبقراط: فأما من جاوز هذه السن، فيعرض له الربو وذات الجنب، وذات الرئة، والحمى التي يكون معها السهر، والحمى التي يكون معها اختلاط العقل، والحمى المحرقة، والهيضة، والاختلاف الطويل، وسحج الأمعاء وانفتاح أفواه العروق من أسفل.
[commentary]
قال عبد اللطيف: هذه سن (281) الكهولة، وتبتديء بعد الخمس (282) والثلاثين سنة، لأنها تبتدئ مع الأسبوع السادس، ويعتريهم الربو وذات الجنب وذات الرئة أكثر مما يعتري الشباب، لأنهم يستعملون من التدبير (283) والتعب ما يستعمل الشباب وأبدانهم أضعف بكثير. وجميع ما ذكر أنه يعرض لهم فإنه يعرض للشباب، وقد أشار إليه بقوله في الفصل المتقدم: وسائر الأمراض. وأما الحمى التي يكون معها السهر فتكون عن كيموس بلغمي متولد في الدماغ، وهذا الكيموس قليل التولد في الشباب، ويكثر في الكهول والمشايخ، لكن المشايخ لفرط برد أبدانهم يمنع من تولد الحمى. وأما زلق المعا، فيكون من بلغم بارد ومن تغير مزاج مفرط تضعف فيه القوة الماسكة، ومن قروح في سطح المعدة والأمعاء، وهذه الأسباب كثيرا ما تتفق في المشايخ. وأما انفتاح أفواه العروق من أسفل، فهو مرض خاص بأصحاب هذه السن لغلبة PageVW1P048A السوداء فيهم، ولذلك يعتريهم كثيرا (284) الوسواس السوداوي، وهو مزيد في بعض النسخ (285). فأما الحمى التي يكون معها اختلاط العقل، وهي التي يرم معها أغشية الدماغ أو حجبه، والحمى المحرقة الكائنة من عفن الصفراء داخل العروق، والهيضة، وهي حركة الصفراء بالقيء، واختلاف الدم الكائن من سحج المعا، فليس عروضه للشباب أكثر من الكهول. وأما الذرب فهو في الكهول أطول، PageVW3P064A لنقصان ذهاب (286) الغذاء في أبدانهم، PageVW2P065B لأنهم لا يحتاجون إلى الغذاء للنمو كما للفتيان، ولا تنحل (287) أبدانهم سريعا لضعف القوة الماسكة كالمشايخ، فيحتاجون إلى زيادة الغذاء. فأبدان الكهول متماسكة، قليلة التحلل، لكن حرارتهم أضعف من الشباب. والاختلاف يكون من نقصان الهضم، أو من نقصان ذهاب الغذاء في البدن، أو من حدة المرار إذا سحج المعا، وجميع هذه الأسباب موجودة في أبدان الكهول، فبالواجب يطول فيهم الاختلاف. فسن الكهول بعد سن الشباب، بمنزلة الخريف بعد الصيف، يصادف الأبدان وهي مملوءة بالمرار الأصفر فيحرقه ويشيطه (288)، ويكون عنه أمراض الصفراء والسوداء جميعا.
[فصل رقم 110]
[aphorism]
قال أبقراط: وأما المشايخ فيعرض لهم رداءة التنفس، والنزل (289) التي يكون معها السعال، وتقطير البول وعسره، وأوجاع المفاصل، وأوجاع الكلى، والدوار، والسكات، والقروح الرديئة، وحكة البدن، والسهر، ولين البطن، PageVW0P055B ورطوبة العينين والمنخرين، وظلمة البصر، والزرقة، وثقل السمع.
[commentary]
قال عبد اللطيف: قد فرق قوم بين المشايخ والشيوخ ورأوا (290) أن اسم الشيوخ يدل على السن القصوى من الشيخوخة، وأن اسم المشايخ يدل على السن التي قبلها، وجالينوس يرى ألا فرق بينهما. وأكثر ما يعتري (291) أصحاب هذه السن النزل، ويتبعها السعال لبرد رؤوسهم، فتسرع الآفة إليه، وتجتمع فيه فضول كثيرة بلغمية. وأما الربو فبسبب النزل، ولبرد آلات تنفسهم، واجتماع فضول بلغمية في أبدانهم، كيف والقوة فيهم ضعيفة؛ ولذلك - أيضا - يتولد في كلاهم السدد والحصا لغلظ البلغم اللزج وضعف الحرارة المنضجة، فيتبعه تقطير البول وعسره. وأما أوجاع المفاصل، فلتجلب (292) الفضل البلغمي إليها. وأما الدوار، فيحدث فيهم عن أبخرة تسكن (293) الدماغ وتضطرب فيه، أو عن فضول رديئة تجتمع في المعدة فيرتقي منها PageVW2P066A بخار غليظ. وأما السكات فهو أخص الأمراض بهم لأن أدمغتهم تمتلئ فضولا بلغمية. وإن حدث في بدن الشيخ قرحة، عسر برؤها لقلة الدم في بدنه. PageVW3P064B وأما الحكة، فلأن (294) الفضول تجتمع تحت جلودهم، ويعسر نفوذها واستفراغها (295) لضعف حرارتهم وغلظ PageVW1P048B فضولهم وثخن جلودهم وتكاثفها لغلبة البرد عليها. وأما السهر، فيكاد يكون للشيخ صحيا (296)، لأنه يدل على يبس مزاجه وقلة أخلاطه، فإنه إن كثر فيه تولد (297) الفضول البلغمية، كثر نومه، وكان ذلك (298) مرضا. فإذا كان بدنه نقيا، مال إلى اليبس فيتبعه السهر فهو (299) - حينئذ (300) - أصح ما يكون بدنا، ولذلك يقال: إن السهر أخص الأعراض لسن (301) المشايخ. ولكثرة تولد (302) الفضول البلغمية فيهم توهم قوم أن الغالب على مزاجهم الرطوبة، وليس الأمر كذلك، فظاهر أن الشيخ تكثر في دماغه الفضول البلغمية، فلذلك ترطب عيناه ومنخراه؛ وإذا انحدرت تلك (303) الفضول إلى البطن، لانت كثيرا. وأما ظلمة البصر وثقل السمع، فلضعف القوة (304) الحساسة. وأما الزرقة، فلإفراط يبس آلة البصر، لأن هذا الجنس من الزرقة إنما هو صنف (305) من الماء المتولد في العين.
Unknown page