41

[commentary]

قال عبد اللطيف: قد رأى جالينوس أن عظم البدن PageVW2P049B يراد به الطول فقط، فإنه عند الشيخوخة ينحني (332) وتعسر حركته، ويكون أردأ من البدن الذي هو أقل طولا، وذلك عند الشيخوخة؛ فإن عظم البدن يطلق بالحقيقة على البدن الطويل العريض العميق، وقد يطلق على البدن الطويل فقط، وعلى العريض العميق، وهذا أخص باسم الغليظ من العظيم، كما أن الذي قبله أخص باسم الطويل. ولا استبعد أن يكون مراد أبقراط بعظم البدن، زيادته في الأقطار الثلاثة، أو في قطرين، وأن يريد الأقسام الثلاثة، فإن القوة (333) المدبرة للبدن هي التي تحمله، فإذا كان زائد العظم، لم تعجز عن حمله في حال الشبيبة. فأما عند الشيخوخة والهرم، فإنها تضعف وتعجز عن حمله، كما تعجز عن حمل الأشياء الثقيلة.

تمت المقالة الثانية (334).

المقالة الثالثة (1)

[فصل رقم 80]

[aphorism]

قال أبقراط: إن انقلاب أوقات السنة، مما يفعل في توليد الأمراض، وخاصة إذا كان في الوقت الواحد منها التغير (2) الشديد في البرد أو في الحر؛ وكذلك في سائر الحالات، على هذا القياس.

[commentary]

قال عبد اللطيف: إنه (3) يريد بانقلاب أوقات السنة تغير الفصول عن طبيعتها الخاصة بها وانتقالها إلى الحر، أو البرد، PageVW1P038A أو الرطوبة، أو اليبوسة. والانقلاب هو انتقال ما، فإن الانتقال قد يكون دفعة، وقد يكون تدريجا؛ والانقلاب خاصة يشعر بالتغير دفعة. ومعلوم أن البدن يغتذى بالنسيم كما يغتذي بالطعام والشراب بل أضعاف ذلك، فإذا (4) كان الانتقال من الأطعمة والأشربة المعتادة دفعة مما يفعل في توليد الأمراض، فبالحري أن يفعل الانتقال PageVW3P050B إلى أهوية مختلفة دفعة. ثم قال: "وخاصة إذا كان في الوقت الواحد منها التغير الشديد" PageVW2P050A لأن التغير اليسير قد لا يؤثر، أو يؤثر (5) أثرا ضعيفا. وقوله: "وكذلك في سائر الحالات" يفهم منه معنيان: أحدهما أعم، وهو أن يريد كل تغير (6) شديد دفعة، وكل انقلاب إلى الضد بغتة، كان ذلك في الأطعمة والأشربة، أو في الأوقات والأهوية، أو في انفعالات النفس والرياضات، أو في غير ذلك. والمعنى الآخر أخص وهو أن يريد به رطوبة الهواء ويبوسته، وهبوب الرياح وركودها، وهذا هو الأشبه بسياق الفصل. وقوله: "على هذا القياس" يعني أن يكون فيها التغير (7) الشديد بغتة. وقد ذهب قوم إلى أنه يريد بانقلاب أوقات السنة، الفصول، وليس ذلك بحق لأن انقلاب الزمان إلى الفصول المنتظمة ليس مما يذم، وإن كانت تحدث أمراضا، فإنها تبريء أمراضا أخر، فليس حكمه عليها بتوليد (8) الأمراض أولى من حكمه عليها بشفاء الأمراض. واعلم أنه لا يمكن أن يجتمع العلم بهذا الباب، أعني اختلاف الأوقات وما يحدث فيها، من التجربة وحدها دون القياس وقد شهد بذلك أبقراط ثم جالينوس. والعلة في أن (9) التجربة وحدها لا يلتئم (10) منها هذا الباب دون القياس، عسر الوقوف PageVW0P043B على أجزاء الأزمنة والأوقات، وتعذر تحصيل أسباب تغيراتها والحوادث فيها بحيث لا يفوت منها شيء، وقلة تشابه الفصول، وبعد ما بينها؛ فلذلك كله لا تحصل تجربة كاملة لكن تجربة ناقصة قاصرة تفتقر أن تعضد بالقياس وتصحح (11) به.

Unknown page