Sharḥ Fuṣūl Abūqurāṭ
شرح فصول أبقراط
Genres
قال أبقراط: وجع العينين يحله (180) شرب الشراب PageVW0P095A الصرف، أو الحمام، أو التكميد، أو فصد العرق، أو شرب الدواء.
[commentary]
قال عبد اللطيف: قال جالينوس: أرى أن أبقراط إنما عرف PageVW3P107A هذه الأشياء التي ذكرها في هذا (181) الفصل بالتجربة لا بالقياس، ولم يسلك هنا طريق القياسيين (182) فيصف الحالات التي ينتفع بها في كل * واحدة منها (183) بكل (184) واحد مما وصف، ولا طريق أصحاب التجربة فيصف اجتماع الدلائل التي معها ينتفع بكل (185) واحد مما وصف، فلم يبق في هذا القول فائدة وفي أمثاله إلا أن يبحث عن الحالات التي ينتفع بها في كل واحد * منها بكل واحد (186) مما وصف من شرب الخمر الصرف والحمام وغير ذلك. وأنا أرى أن أبقراط قد أحسن في هذا الفصل غاية الإحسان وأتى (187) فيه بغاية ما تقتضيه صناعة القياس وتصححه التجربة. أما التجربة فقد شهد جالينوس له بصحتها وأنه جرب شرب الخمر الصرف والحمام والتكميد، فكان (188) عنها البرء التام تارة، وتخفيف الألم أخرى. وأما طريق القياس فإن الأرمد إن كان بدنه ممتلئا امتلاء عاما وجب أن يستفرغ بالفصد، وإن كان الامتلاء من غلبة بعض الأخلاط استفرغ بالإسهال. وإن (189) كان البدن نقيا والمادة في العين فقط، فإن شرب الشراب الصرف يحللها ويستفرغها من العضو نفسه ، لأنه يسخن ويحلل، ولأنه أيضا يملأ الرأس بخارا فيزعج (190) المواد PageVW1P082A المحتقنة ويحركها للخروج (191) ويفتح المسام ويرطب المواد اللاحجة. وكذلك الحمام فإنه يرطب ويحلل ويفتح المسام ويلين المواد، ويبخر (192) إلى (193) الدماغ بخارا رطبا يكون به (194) إنضاج المادة واستفراغها. وأما التكميد فهو استفراغ خاص (195) بالعضو وكأنه حمام لعضو واحد، فإن كان التكميد بما قد طبخ فيه بعض الأشياء المنضجة والمحللة كالبابونج وهو أسلمها، كان ذلك PageVW2P114A بليغا (196) جدا. والتكميد أسلم هذه الثلاثة لأنه يختبر به حال العين، فإن كانت المادة يسيرة (197) وقد فرغ (198) انصبابها والبدن نقي فإن التكميد يسكن الوجع على المكان بالتمام (199) وإن كان البدن ممتلئا والمادة في الانصباب سكن التكميد الوجع في الحال، لكنه يهيج بعد، لأن التكميد كما يحلل من العضو كذلك يسهل سبيل (200) الانصباب إليه، PageVW3P107B فإن دووم التكميد مرارا كثيرة حتى يستفرغ جميع المادة وقع البرء التام، فإن كان PageVW0P095B في المادة من الكثرة ما لا يفي التكميد باستفراغها (201)، استفرغت من البدن كله بالفصد أو الإسهال (202)، ثم استفرغ الباقي في العين بالتكميد، فأي قياس - ليت شعري - أحسن أو أصوب من هذا وألزم منه لسنته وأحرى (203) على حذوه (204). وجالينوس يكره استعمال الأكحال الرادعة في العين، ولاسيما التي فيها الأفيون، لأن الدواء المخدر الرادع (205) كما يمنع من الانصباب يمنع من التحلل فتحتبس (206) المادة في العين، فاشتد الألم وطالت العلة وتعذر الشفاء. وإن كان المخدر قويا أضر بالنور الباصر وربما أعدمه أصلا. قال جالينوس: متى استدللت وعرفت أنه يجري إلى العين رطوبات حادة وليس في البدن امتلاء، داويت وجعها (207) باستعمال الحمام، وأنه عالج فتى بالحمام وشرب الشراب القليل المزاج، ثم (208) نام نوما ثقيلا فشفى. قال: وأما التكميد فهو أسلم وأبعد عن الخطر، والمستعمل له على كل حال رابح، لأنه إما أن (209) يكون سببا لصحة العين إن كانت المادة قد انقطع انصبابها، وإما أن يكون علامة ودليلا على العلاج ومقدار العلة، وذلك أن التكميد - حينئذ - يسكن الوجع في الحال غير أنه يهيج بعد فيستدل به على الامتلاء، فيستفرغ الخلط الغالب بحسبه.
[فصل رقم 295]
[aphorism]
قال أبقراط: اللثغ يعتريهم خاصة اختلاف طويل.
[commentary]
قال عبد اللطيف: اللثغة تكون بحروف (210) كثيرة، وذلك أن يميل اللسان عن الحرف لعجزه عنه إلى الحرف القريب إليه والشبيه به، وقد يكون ذلك لقصر PageVW2P114B في اللسان فلا ينال مخرج الحرف، أو لعرض فيه فلا يتمكن من المخرج، أو لرطوبته وضعفه فيرتعد عند المخرج فلا يتمكن منه أو لا يصل (211) إليه؛ ولذلك تعرض هذه اللثغة للصبيان PageVW1P082B لرطوبة ألسنتهم كما تعرض لهم الرعدة في المشي لضعف (212) أرجلهم عن الاعتماد والتمكن على الأرض التمكن المحكم. وقد تعرض اللثغة للمستكملين (213) الأصحاء إذا علوا (214) من الكلام، وتعرض أيضا لمن PageVW3P108A يزمر زمرا كثيرا، ولمن قد كلت قوته من المرض، ومن غلبة اليبس على اللسان في بعض الأمراض، إلا أن هذا الصنف لا يكون طبيعيا، وإنما هذه اللثغة عرض خاص لازم للرطوبة المفرطة فقط إذا لم يقدر اللسان أن يعتمد بقوة. ويمكن أن تعرض اللثغة للسان من قبل ضعفه خاصة، ومن ضعف العصب الذي يأتيه من الدماغ. وقد تعرض هذه اللثغة للسكران، لرطوبة الدماغ وابتلاله، PageVW0P096A ولثقل الرطوبة عليه، ولذلك تعرض هذه اللثغة لمن كان مزاج لسانه أو دماغه بالطبع رطبا، فإن كان مزاج الدماغ رطبا كان كثير الفضول، فإذا انحدرت تلك الفضول إلى المعدة عرض اختلاف كثير. وإن كان مزاج اللسان رطبا والمعدة (215) رطبة، والاختلاف الطويل المزمن هو عرض خاص لازم لضعف المعدة بسبب (216) رطوبتها، فهذا الصنف من اللثغة يكون عنه الاختلاف الطويل. واعلم أن اللثغة أصناف كثيرة لها (217) أسماء بحسب الحروف التي تقع بها اللثغة. وقد يظن أن أبقراط إنما عني اللثغة التي تكون في الراء بأن (218) تجعل لاما وذلك إذا كان قبلها طاء، كقولك في "طريخ" "طليخ". واللثغ جمع ألثغ، كحمر وصفر جمع أحمر وأصفر.
[فصل رقم 296]
[aphorism]
Unknown page