Sharh Asma Husna
شرح الأسماء الحسنى
ذلك المالك وقيده بالتوجه إلى نفسه واستخدمه بالاستخدام وغيره وهكذا في الباقي يا شاهدا غير غايب هذا مخصص به تعالى كسابقه لان كل شاهد سواه مهيته غايبة لم يظهر قط لان الأعيان الثابتة ما شمت رايحة الوجود ولم تتحظ إلى ساحة الشهود ووجوده بما هو وجوده في مرتبة ذات العلة غايب وكيف يمكن النور الضعيف في مشهد النور القوى وكذا في مرتبة وجود المعلول الأخر غايب إذ له شأن وللآخر شأن اخر وليس هو بحيث يكون له مع كل شأن شأن كما في علة العلل فإنها شاهدة على كل المراتب حاضرة مع جميع الشؤون الا انه بكل شئ محيط انه على كل شئ شهيد فالحق حاضر لم يغب قط والخلق غايب لم يحضر قط والناس عكسوا الامر فالخلق إما غايب محض أو شاهد من وجه غايب من وجه اخر ثم المخترعات والكاينات تزيد غيبتها على المبدعات حيث إن وجودها ليس حاضرا لذاتها بل للمادة وانها ذوات مقادير غايبة اجزائها بعضها عن بعض وانها سيالة زمانية تكونها عين تقضيها يعزب كل مرتبة من وجودها السيال عن مرتبة أخرى فكل ما صار منها شاهدا صار غايبا فالحق تعالى ليس له غيبة بوجه من هذه الوجوه وله الشهادة بجميع أنحائها قل أي شئ أكبر شهادة قل الله ان قلت فكيف يطلق عليه تعالى غيب الغيوب والغيب المصون والغيب المكنون ونحوها قلت إما أولا فلان غيبته من فرط حضوره كما ورد يا من خفى من فرط ظهوره فالغيبة فيه عبارة عن غاية الحضور واما ثانيا ففرق بين كون الشئ حاضرا في نفسه وبين كونه حاضر الشئ فلا منافاة بين كونه تعالى حاضرا في جميع مراتب الواقع وبين عدم حضوره لنا لقصور مداركنا عن اكتناهه وإن كان حاضرا لنا بوجه بعين حضور ذاتنا وحضور صور الأشياء لنا يا قريبا غير بعيد سبحانك الخ هذا أيضا مخصوص به تعالى لان كل قريب من الشئ بعيد من وجه إذ ليس في مقام ذاته بل قربه إما بحسب المكان واما بحسب الزمان واما بحسب الشرف واما بحسب الذات كالمعية الذاتية التي بين أمرين واما غير ذلك فالقريبان بحسب المكان مثلا باينان أحدهما عن الأخر بينونة عزلة فهما بعيدان من حيث وجودهما وذاتهما مع أنهما ربما يكونان بعيدين من حيث الشرف مثلا واما الحق تعالى فلما كان الموجودات فقراء في ذواتها إليه ومتقومات في وجوداتها بقيوميته ومنطويات بظهوراتها في ظهوره بل هي نفس الفقر والظهور كان قربه منها أعلى القربات غير مشوب بشئ من انحاء البعد فليس له مكان وزمان حتى يقرب
Page 165