هو الله تعالى

Page 1

هو الله تعالى هذا شرح الأسماء المعروفة بالجوشن الكبير للعالم العامد والفاضل الكامل قدوة المتبحرين وزبدة الحكماء المتألهين قبلة أولياء العرفان و نخبة أصفياء البرهان فيلسوف العصر أفلاطون الدهر البحر المواج والسراج الوهاج الفهام العلام المولى القمقام التابع لمرضات ربه الباري الحاج ملا هادي السبزواري شكر الله سعيه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة على أفضل المصلين وأشرف الداعين وآله الذين هم أهل الذكر أجمعين وبعد فيقول المفتاق إلى رحمة الباري الهادي ابن المهدى السبزواري كثيرا، كان يختلج بخاطر الحقير ان اشرح الدعاء المعروف بالجوشن الكبير لان الأدعية المأثورة وإن كانت كلها أنوارا لا ينبغي ترجيح بعضها على بعض لكونها كالحلقة المفرغة الا انها تتفاوت بحسب مقامات الداعين وأحوال الذاكرين فكان يعجبني بعد غوره وحسن طوره لخلوه عن كثرة التعرض للأغراض وجلب الأعواض وعن كثرة التوجه إلى الانائة وإن كان هذه أيضا بوجه حسنة ولان الكل لما كانت مظاهر أسمائه الحسنى ومجالى صفاته العليا كان شرحه كأنه شرح الكل كما ترى الآيات والأدعية غير خالية عنها وانى كنت في بعض أوقات تذكري موزعا إياه فكنت تاليا في كل وقت حسب ما كان متعير إلى وكنت أيضا في بعض الأوقات مدرجا بعض فصوله السنية في قنوت بعض صلواتي مسقطا للفقرة التي هي الغوث الغوث خلصنا من النار يا رب لكن لا بعنوان التصرف في المأثور بل بعنوان اجراء صفاته العليا وذكر أسمائه الحسنى وإذ كان له في باب التوحيد على حق كبير شمرت عن ساق الجد مجترئا على هذا الامر الخطير مستمدا من الفياض القدير الذي لا شريك له ولا وزير ولا شبيه له

Page 2

ولا نظير وها انا أخوض في المقصود فأقول بسم الله الرحمن الرحيم قول الداعي اللهم أصله يا الله حذفت كلمة يا وعوض عنها الميم المشددة وأحرف النداء قد تنحذف كمثل ربنا ومثل يوسف والسر في الحذف هنا ان يا بحساب الجمل أحد عشر واسم هو الذي قالوا إنه أعظم الأسماء أيضا أحد عشر فهو بحسب الباطن مع جميع الأسماء المدعوة بكلمة يا فحذفت هنا إشارة إلى كونهما واحدا قل هو الله أحد وفى الحديث التوحيد الحق هو الله والقائم به رسول الله والحافظ له نحن والتابع فيه شيعتنا ويرشدك إليه ان من جمع هذه المرتبة من العدد التي يستخرج منها اسم هو مع الاعداد السابقة يحصل ست وستون وهو عدد اسم الله ويقربك أيضا ان حروف الله زبره وبيناته أحد عشر والسر في التعويض الإشارة إلى الاستخلاف فان الميم مفتاح اسم الخاتم وخاتم اسم آدم فخلافة ميم عن ياء التي علمت أنها بحسب الروح هو حاكية عن خلافة الانسان الكامل عن الله تعالى قال الله تعالى انى جاعل في الأرض خليفة وقال صلى الله عليه وآله من رآني فقد رأى الحق والسر في التشديد ان في اسم محمد صلى الله عليه وآله ميمين أحدهما ميم الملك والاخر ميم الملكوت أودعهما الله تعالى في اسم حبيبه ايماء إلى أن عنده سر الملك والملكوت ولكون الميم حرف الانسان الكامل كان تفسير حم انه حق محمد أي على حق انى اثبات الآنية وإن كان من أعظم الخطايا كما قيل وجودك ذنب لا يقاس به ذنب وقيل بيني وبينك انى ينازعني فارفع بلطفك انى من البين الا انه لما كان حسنات الأبرار سيئات المقربين حيث كان دايرة التكليف يدور على مركز العقل ورحاه يتحرك على قطب العلم وفى كل بحسبه فكل من كان أعقل كان تكليفه أشكل وكل من كان اجهل كان تكليفه أسهل كما قال تعالى في كتابه العزيز يا نساء النبي لستن كأحد من النساء الآية فهو لابد منه في بدو الامر إذ المجاز قنطرة الحقيقة ومعلوم انه بعد الوصول إلى كعبة المراد يصير الاشتغال بالمزاد وبالا والوصول لا يتيسر لسانا فقط بل حالا ومقاما وعلما وعينا وحقا فالداعي الحقيقي ينبغي ان يشير بانا وانى وأمثالهما إلى نفسه بما هو عبده ومضاف إليه وموجود به لا بما هو نفسه لأنه من هذه الجهة باطل أسئلك السؤال يستعمل في الداني بالنسبة إلى العالي والالتماس في المساوى الا انه في العرف اشتهر بعكس ذلك والدنائة أيضا كالانائيه الا انه لابد منه كما مر بسمك انطواء الألف التي هي

Page 3

حرف الذات في الباء التي هي حرف العقل إشارة إلى أن العلة حد تام للمعلول كما أن المعلول حد ناقص للعلة وان ما هو في الهويات هو لم هو كما أن ما هو فيها هو هل هو فكما ان المهيات لا يتصور بدون علل القوام كك الهويات لا يتحقق بدون علل الوجود كما لا ظهور للهيته في العقل بدون مقومها العقلي كذلك لا نورية للهوية بدون قيومها العيني فالظهور أولا وبالذات للعلا وثانيا وبالعرض للمعلول ولذا قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه ما رأيت شيئا الا ورأيت الله قبله على بعض الوجوه بل لما كان الامكان لازم المهية لا ينفك عنها ابدا وهي في حال الوجود يصدق على نفسها وفى حال العدم لا يصدق نفسها على نفسها كانت بذاتها مظلمة لا نورية لها الله نور السماوات والأرض وبنفسها مختفية لا ظهور لها هو الأول والاخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم وقد تقرر عند علماء المعاني ان المسند المعرف باللام مقصور على المسند إليه نحو زيد الأمير ان قلت فالمناسب انطواء حرف العقل في حرف الذات بعكس ما ذكرت قلت الظهور انما هو لنوره الفعلي واما ذاته فهى المحجبة من فرط نوره استتر بشعاع نوره عن نواظر خلقه فاسمه تعالى الظاهر معناه ذات له الظهور فقولنا ذات إشارة إلى مرتبة غيب الغيوب والظهور إشارة إلى نوره الفعلي الذي أشرقت به السماوات والأرضون ولذا فسر المعصوم (ع) قوله تعالى الله نور السماوات بمنور السماوات والأرض وهذا بوجه مقرب كالأبيض فان الأبيض الحقيقي نفس البياض والأبيض المشهوري هو الجسم والوجه المبعد ان الجسم مجاز أبيض لصحة السلب في مرتبة ذاته ولكن مجازا برهانيا وهو حقيقة عرفية بخلاف ما نحن فيه فان الذات المقدسة أيضا كنوره الفعلي ظاهر بالحقيقة الا انه ظاهر بذاته لذاته على ذاته ونوره الفعلي ظاهر في مجالي صور أسمائه وصفاته فظهور العقل الكلى انما هو ظهور نوره تعالى الفعلي لان العقول بل النفوس كما قال شيخ الاشراق شهاب الدين السهروردي كلها وجود بلا مهية باقية ببقاء الله كما أشار (ع) في حديث كميل وفى حديث الأعرابي في بعض مراتب النفس ولا تستبعدن كون النفس وجودا بلا مهية إذ ليس لها حد يقف في مراتب الكمال فكل مرتبة يصل إليها يتجاوز عنها فلا سكون وطمأنينة لها الا بذكر الله تطمئن القلوب وكل حد من الفعلية يحصل لها تكسرها خلق الانسان ضعيفا وكل حياة يفيض عليها تميتها اقتلوا أنفسكم فتوبوا إلى بارئكم فهى شعلة ملكوتية لا تخمد نارها

Page 4

ولمعة جبروتية لا يطفى نورها ولا سيما النفس المقدسة الختمية التي أخبرت عن مقامها في النبوي للشهور لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل فمرادنا بالانطواء ليس انطواء ظهور نور الحق تعالى في ظهور الخلق لان الامر بالعكس كانطواء أنوار الكواكب في نور الشمس بوجه بل مرادنا ان شيئية الشئ بتمامه لا بنقصه كما قال المنطقيون الحد الأخير في الحد هو الحد الوسط في البرهان وفى الحديث المروى عن صادق الال عليه سلام الله المتعال العبودية جوهرة كنهها الربوبية من عرف نفسه فقد عرف ربه وانه في الحقيقة نوره الذاتي منطو في نوره الفعلي وفى الكشاف والبيضاوي وغير هما طولت الباء عوضا عن الألف أقول لما كان للشئ وجود كتبي ووجود لفظي ووجود ذهني ووجود عيني فالوجود الكتبي للقيوم مثلا هو هذا النقش المعروف من حيث هو آلة اللحاظ والوجود اللفظي له هو هذا الصوت المعهود من الحيثية المذكورة والوجود الذهني له هو الصورة العقلية له الحاكية عن ذي الصورة الخارجية والوجود العيني له مرتبتان إحديهما الوجود المطلق المنبسط الذي هو صنع الله الذي كل شئ قائم به قيام عنه لا قيام فيه يعنى قيام صدور لا قيام حلول والاخرى قيومية الوجود الحق للوجود المطلق كانت العوالم متطابقة والمراتب متحاكية كان هذا الطول إشارة إلى العروج العيني إلى مقام الفنا بعد نزوله إلى مقام التعين بالنقطة كما ورد عن علي (ع) انا النقطة تحت الباء وورد عن الكمل بالباء ظهر الوجود وبالنقطة تميز العابد عن المعبود فالمراد بالنقطة هو الامكان وبالباء هو الصادر الأول وقيام الباء في الصورة مقام الألف إشارة إلى خلافة العقل الكلى الذي هو الانسان الكامل الختمي صلى الله عليه وآله في السلسلة الصعودية عن الله تعالى والى الترفع والعروج أشار ابن الفارض (س) بقوله فلو كنت لي من نقطة الباء خفضة * رفعت إلى ما لم تنله بحيلة والى الفناء والاستخلاف أشار بقوله فلم تهوني ما لم تكن في فانيا * ولمن تفن ما لم تجتلى فيك صورتي ثم الألف من الحروف النورانية والباء من الحروف الظلمانية والحروف النورانية هي الحروف المقطعة التي هي فواتح السور وبعد حذف المكررات يصير تركيبها هكذا صراط على حق نمسكه أو صراط حق على نمسكه وانما سميت نورانية وما عداها ظلمانية لأنه لم يخل اسم من أسماء الله تعالى منها غير اسم الودود بخلاف الظلمانية إذ لم يتألف منها اسم من أسمائه بلا امتزاج من النورانية غير ذلك الاسم المذكور ففي انطواء الألف التي من الحروف النورانية في الباء التي من

Page 5