Sharh Asma Husna
شرح الأسماء الحسنى
راجحية وهو المكروه أو على مساواة وهو المباح فالمراد بالحل الجواز بالمعنى الأعم من الجواز بمعنى التساوي للطرفين أعني ما هو الجنس له وللثلاثة الأخرى وما يحرم فعله هو الحرام وهذه هي الأحكام الخمسة الشرعية وتسميتها شرعية ليس معناها انها ليست عقلية بل إن الشرع كاشف عن احكام العقل كما هو قاعدة التحسين والتقبيح العقليين إذ قد اختلف في حسن الأشياء وقبحها انهما عقليان أو شرعيان فذهب الحكماء والامامية والمعتزلة إلى الأول والأشاعرة إلى الثاني ثم إن المعتزلة اختلفوا فذهب الأقدمون منهم إلى أن حسن الافعال وقبحها لذواتها لا لصفات فيها وذهب بعض من قدمائهم إلى اثبات صفة حقيقية توجب ذلك مطلقا في الحسن والقبح جميعا وذهب أبو الحسين من متأخريهم إلى هذا في القبح دون الحسن فقال لا حاجة فيه إلى صفة محسنة بل يكفى انتفاء الصفة المقبحة وذهب الجبائي إلى أن ليس حسن الافعال وقبحها لصفات حقيقية فيها بل لوجوه اعتبارية وصفات اضافية يختلف بحسب الاعتبارات كما في لطمة اليتيم تأديبا وظلما والمراد من كون الحسن والقبح عقليين ان العقل يمكنه ان يفهم ان الفعل الفلاني ممدوح في نفس الامر والاخر مذموم وان لم يرد به الشرع الأنور أو يمكنه ان يفهم الجهة التي حسن بها الفعل فامر به أو قبح فنهى عنه إن كان بعد ورود الشرع وعدم فهمه جهات الحسن والقبح في بعض الأفعال لا يقدح في عقليتهما لأنه يعلم اجمالا انه لو كان خاليا عن المصلحة أو المفسدة لقبح عن الحكيم طلب فعله أو تركه والمراد من كونهما شرعيين انه لا يمكن.. ادراك الحسن والقبح وان فاعل هذا يستحق المدح وفاعل ذاك يستحق الذم ولا ادراك جهات الحسن والقبح في فعل من الا فعال لاقبل ورود الشرع ولا بعده وقد يقال المراد بالعقلية اشتمال الفعل على الجهة المحسنة والمقبحة سواء أدرك العقل تلك الجهة أم لا وبالشرعية خلاف ذلك فعلى العقلية الشرع كاشف ومبين للحسن والقبح الثابتين له في نفس الامر ولا يجوز في الفعل الذي أمر به ان ينهى عنه في ذلك الوقت بعينه ولا فيما نهى عنه ان يؤمر به كذلك نعم يجوز إذا اختلف الوقت كما في صورة نسخ الاحكام وعلى الشرعية الشرع هو المثبت له لا الكاشف وليس الحسن أو القبح عايدا إلى أمر حقيقي في الفعل قبل ورود الشرع ويجوز التعاكس المذكور ولا علاقة لزومية بين الصلاة مثلا ودخول الجنة ولا بين اكل أموال اليتامى واكل النار في البطن ولذا لو ادخل الله العبد المؤمن العابد الزاهد النار والكافر المشرك الجنة لجاز عند أصحاب هذا المذهب بخلافه على مذهب التحقيق فان العلاقة اللزومية ثابتة بين الأفعال الحسنة والصور الملذة وبين الافعال القبيحة والصور المؤلمة كما في الكتاب المجيد جزاء بما كنتم تعملون جزاء بما كنتم تكسبون ان الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا
Page 106