============================================================
الموقف الأول - المرصد الأول: فيما يجب تقديمه في كل علم أو عرضي علما واحدا، ودونوه على حدة، وسموا ذلك الشيء أو تلك الأشياء موضوعا لذلك العلم، لأن موضوعات مسائله راجعة إليه، فصارت عندهم كل طائفة من الأحوال، متشاركة في موضوع علما منفردا ممتازا في نفسه عن طائفة أخرى متشاركة في موضوع آخر، فجاءت علومهم متمايزة في أنفسها بموضوعاتها، وسلكت الاواخر أيضا هذه الطريقة في علومهم، وهو امر استحساني إذ لا مانع عقلا من أن تعد كل مسألة علما براسه، وتفرد بالتعليم ولا من آن تعد مسائل كثيرة غير متشاركة في موضوع واحد، سواء كانت متناسبة من وجه آخر أو لا علما واحدا، وتفرد بالتدوين، واعلم ان الامتياز الحاصل للطالب بالموضرع، إنما هو للمعلومات بالأصالة، وللعلوم بالتبع والحاصل بالتعريف على عكس ذلك، إن كان تعريفا للعلم، وأما إن كان تعريفا للمعلوم فالفرق أنه قد لا يلاحظ الموضوع في التعريف كما في تعريف الكلام إن جعل تعريفا لمعلومه (وهو) أي: موضوع الكلام (المعلوم من حيث يتعلق به إثبات العقائد الدينية تعلقا قريبا أو بعيدا)، وذلك لأن مسائل هذا العلم إما عقائد دينية كاثبات القدم والوحدة للصانع، وإثبات الحدوث وصحة الإعادة للأجسام، وإما قضايا تتوقف عليها تلك العقائد كتركب الأجسام من الجواهر الفردة، قوله: (تتوقف عليها) اي توقف المسائل على المبادي وحاصله تحتاج المسالة في العلم بشبوتها إلى نوعها وإن لم يحتج إليها بخصوصها.
المقدار لعلم الهندسة، وإما في عرض كالكتاب والسنة والإجماع والقياس المتشاركة في كونها موصلة إلى الأحكام الشرعية لعلم الفقه، فإن قلت : التناسب المعتد به أمر مبهم لا يعرف قدره فلا يتضبط أمر اتحاد العلم واختلافه بمجرد اشتراط المناسبة المعتد بها في الأمور المتعددة الموضوعة لعلم واحد، كيف ومثل الحساب والهندسة الباحثين عن العدد والمقدار الداخلين تحت جنس الكم، لا يجعلان علما واحدا بخلاف علم النحو الباحث عن أحوال الكلمة، قلت إذا كان البحث عن الأشياء من جهة اشتراكها في أمر ومصداقه آن يقع البحث عن كل ما يشاركها في ذلك الأمر، فالتناسب معتد به والعلم واحد، وإلا فمتعدد واعلم أن في قوله فسموا الأعراض والأحوال الذاتية علما واحدا مسامحة لان العلم ليس هو الأعراض والأحوال بل هر المسائل المشتملة عليها.
قوله: (كاثبات القدم إلخ) لا يخفى أن العقائد هي المسائل كما صرح يه، فتمثيلها باثبات القدم مسامحة، وأما قوله فإن حكم على المعلوم يما هو من العقائد، فمحمول على حذف السضاف، أى بما هو من محمولات العقائد.
قوله: (كتركب الأجسام من الجواهر الفردة، وجواز الخلاء) يتوقف عليها حدوث العالم
Page 45