============================================================
المرصد الرابع - في إثبات العلوم الضرورية فيما سوى الواجب تعالى (يكذبونهم) في هذا الحكم ويعارضونهم بتقدم بعض أجزاء الزمان على بعضها (الثامنة للحكماء) قالوا: (لا حدوث) لشيء (إلا عن شيء) آخر هو مادة له وادعى بعضهم العلم الضروري باستحالة حدوث شيء لا عن شيء (والمسلمون ينكرونه) ويجوزون حدوث الأشياء التي لا تعلق لها بمادة أصلا (التاسعة لهم) أيضا قالوا: (الممكن لا يترجح) أحد طرفيه على الآخر (إلا بمرجح ويجوزه المسلمون من القادر) فإنه يجوز ان يرجح أحد طرفي مقدوره على الآخر بلا مرجح يدعوه إليه (العاشرة للمتكلمين) قالوا: (الإنسان محل لألمه ولذته) أى يدركهما بذاته (و) قال (الحكماء: بل) محلهما ومدركهما (هو الجسم) والقوى الحالة فيه (وهر) اي ذلك الجسم الذي حل فيه تلك القوى (آلة له) اي للإنسان وليس هو ذات الإنسان، قال في النهاية: اتفق المتكلمون على أن أول العلوم الضرورية قوله: (ويعارضونهم إلخ) فإنها قبلية لا يجامع فيها القيل البعد، وليس بالزمان وإلا لزم أن يكون للزمان زمان: قوله: (ويجوزون إلخ) ويقولون: بوقوعه كالجواهر الفردة والمجردات عتد القائلين بها.
قوله: (الممكن لا يترجح إلخ) اي لا يجوز أن يترجح أحد طرفيه الوجود والعدم على الآخر من غير مرجح يرجح ذلك الطرف، ويخرجه عن حد التساوى سواء كان ذلك المرجح نفس الفاعل السختاركما في العقل الاول، او آمرا آخر كالعناية الأزلية، والداعي الذي يدعو الفاعل المختار إلى اختيار أحد الطرفين، والمسلمون ينكرون هذا الحكم في الفاعل المختار ويقولون إنه يرجح أحد الطرفين المتساويين عنده بل المرجوح من غير مرجح أي داعي يدعوه إليه، فتدبر فإنه زل فيه اقدام.
قوله: (قال في النهاية إلخ) استشهاد على حمل المحل في المتن على المدرك، وهذا بناء على المذهب المشهور عن الحكماء، وهو أن القوى الجسمانية مدركة بذاتها دون ما هو الحكماء هو اعتبار المتكلمين إمكان شغل الجسم فيه، فلأن الفلاسفة ينكرون هذا الإمكان فيما وراء المحدود، ولهذا حكموا بعدم قبول محدب الفلك الأطلس للتمو، وقد أشار إليه الإمام أيضا في الملخص والمصنف في أواخر موقف الجوهر، وسنذ كره في بحث المكان إن شاء الله تعالى.
قوله: (إلا برجع) أى برجح خارجي وهو الذي يسمونه بالداعي قيل: الفلاسفة يجعلون العناية الأزلية اعني علمه تعالى بالكل من حيث هو كل، وبما يجب آن يكون عليه الكل حتى يكون على أبلغ النظام متبعا لفيضان الوجودات والخيرات من غير انبعاث قصد وطلب، وهذا يدل على عدم اشتراطهم الداعي فلا معنى لإسناد تلك القضية إليهم.
قوله: (قال في النهاية) المقصود من نقل كلامها هو الإشارة إلى وجه حمل كلام الف على ما حله عليه
Page 188