165

============================================================

المرصد الرابع - في إثبات العلوم الضرورية والموصوفية من المفهومات الاعتبارية الذهنية (قلنا: الموصوفية نسبة بين لها وحدة، وإذا لاحظها من حيث ذاتها وانها مفهرم من المفهومات، اعتبر لها وحدة وقس على ذلك، وإنما قلنا: بجواز التسلسل فيها لأنه حينثذ تنقطع السلسلة بسبب انقطاع اعتبار العقل، إذ العقل لا يقدر على اعتبار الأمور الغير المتناهية مفصلا، ولا يجب عليه الملاحظة القصدية في كل مرتبة، وإن كان النفس أبديا فلا تكون الآحاد موجودة حتى يجري التطبيق فلا تسلسل، وعلى تقدير فرضه لا يلزم المحال من لزوم تناهي ما لا يتناهى أو كون الناقص كالزائد، إذ لا غير متناه في نفس الأمر ولا زائد فيه ، بل بمجرد الفرض وأما إذا كان منشأ وجود تلك السلسلة أمرا غير اعتبار العقل، فالتسلسل فيها باطل وإلا لزم وجود الأمور الغير المتناهية في تفس الأمر ويجري فيها التطبيق عندنا، وعند الحكماء إذا كان ترتب واجتماع في ذلك الرجود ولا ينقطع حينعذ بانقطاع اعتبار العقل، إذ لا مدخل لاعتبار العقل في وجودها، ولذا حكموا ببطلان التسلسل على تقدير نظرية الكل لاستلزامه وجود أمور غير متناهية في الذهن، لعدم انقطاعه بانقطاع الاعتبار هذا، لكن بقي لي بحث في كون ما نحن فيه من هذا القبيل، لأن صحة الحكم في قولنا: السواد موجود بناء على الغيرية موقوفة على ملاحظة الموصوفية من حيث أنها نسبة بين الطرفين وآلة الملاحظة حال أحدهما بالقياس إلى الآخر، وحييذ لا يمكن للعقل أن يحملها على السواد أصلا، ثم إذا لاحظها قصدا واعتبر أتها مفهوم لا بد من حصوله للطرفين، وإلا لم يكن أحدهما حاصلا للآخر، اعتبر موصوفية ثانية هي آلة لملاحظة حال الموصوفية الأولى بالقياس إلى السواد، وهذه الملاحظة ليست لازمة للعقل دائما فتنقطع سلسلة الموصوفيات بانقطاع اعتباره، واما تجويز المتكلمين عدم تناهي تعلقات العلم بالفعل مع انها أمور اعتبارية، وليست بمجرد اعتبار العقل، فلأن هذه التعلقات ليست في الخارج ولا في الذهن، فلا يجري التطبيق فيها وإنما هي في علمه تعالى وهي بالنظر إليه متناهية لاحاطته بها فتدير، فإنه مما زل فيه الأقدام .

موجود من هذا القبيل لاحتياجنا هاهنا إلى اعتبار الموصوفية، فيرجع الترديد المذكور في الموصوفية، بانها إما عين السواد فلا يكون مفيدا لكونه حمل الشيء على نفسه، أو غيره. فيكون حكما بوحدة الاثنين، فيحتاج إلى موصوفية ثانية وثالثة وهلم جرا، فكان قولنا: السواد موجود باطلا قطعا هذا والظاهر عندي أن ما ذكره من بطلان القول المذكور، أعني قولنا: السواد موجود على تقدير احتياجه إلى تعقلات لا تتناهى حق بلا مرية، وأما بطلان التسلسل في الأمور الاعتبارية النفس الأمرية مطلقا، فلا أما عند الفلاسفة فلأنهم يشترطون الترتب في جريان البرهان، ولا ترتب بين تلك الأمور بحسب الخارج، وهو ظاهر واما الترتب بحسب الذهمن، فيتوقف على تصورها مفصلا، والنفس لا تقدر عليه باعترافهم، وأما عند المتكلمين فلانهم استدلوا على اعتبارية الأعراض النسبية بأنها لو وجدت لاتصفت محالها بها، فلها نسبة إليها بالمحلية ويعود الكلام فيها فيلزم التسلسل في الأمور الموجودة، واتت خبير بأن هذه النسب ليست باعتبارية فرضية، بل حقيقة تتصف بها محالها في نفس الأمر فلمحالها إليها نسبة بالمحلية في نفس الأمر، ويعود

Page 165