135

============================================================

المرصد الرابع- في إثبات العلوم الضرورية النار، وتلك النار لا جميع النيران الموجودة في الحال، ولو فرض إدراكه إياها بأسرها فليس له تعلق قطعا بأفرادها الماضية والمستقبلة، فلا يعطي حكما كليا على جميع أفرادها (سيما وقد ذهب المحققون إلى أن الحكم في قولنا النار حارة ليس على كل نار موجودة في الخارج) في أحد الأزمنة الثلاثة (فقط بل عليها وعلى) جميع (الأفراد المتوهمة) الوجود في الخارج (أيضا ولا شك أنه لا تعلق للحس بها) أي بالأفراد المتوهمة (البتة) فكيف يعطي حكما متناولا إياها؟ والحاصل أن الحكم لا يعطي حكما كليا أصلا لا حقيقيا ولا خارجيا، فلا يتصور اعتبار حكمه في الكليات قطعا (وأما الثاني) وهو بطلان اعتبار حكمه في الجزئيات (فلأن حكم الحس في الجزئيات يغلط كثيرا)، وإذا كان كذلك فحكمه في اي جزئي كان في معرض الغلط، فلا يكون مقبولا معتبرا وإنما قلنا يغلط كثيرا (لوجوه الأول إنا نرى الصغير كبيرا كالنار البعيدة في الظلمة) هذا إذا لم تكن بعيدة جدا، والسبب فيه أن ما حولها من الهواء يستضيء بضوئها والشعاع البصري المحاذي لما حولها لا ينفذ في الظلمة نفوذا تاما، فلا يتميز عند الرائي جرم النار عن الهواء المضيء بها المشابه بضوئه إياها، فيدركهما معا جملة واحدة ويحسبهما نارا، وإذا كانت قريبة نفذ الشعاع وامتازت النار عن الهواء المضيء بمجاورتها فادركها على ما هي عليه من الصغر، وإذا كانت بعيدة جدا كانت كالمرئيات البعيدة التي ستعرف حالها (وكالعنبة في الماء ترى كالإجاصة) وسبيه أن رؤية الأشياء على القول الأظهر إنما هي بخروج الشعاع على هيية وإجراء للإجمال على وفق التفصيل بقوله أما الأول، واما الثاني فإنه صريح في حمل الكليات على القضايا الكلية حيث قال: لأن الحكم في قولنا كل نار حارة الخ والجزئيات على الجزئيات الحقيقية حيث قال: فلأن حكم الجنس في الجزئيات الخ: قوله: (أنا ترى الصغير كبيرا) لا خفاء في أن الرؤية البصرية لا تتعدى إلى المفعولين، وجعل الثاني حالا لا يصح من حمث المعنى، فلا بد من القول بالتضمين أي نرى الصغير ونحبه كبيرا مثلا، وقس على ذلك ما سيأتي: قرله: (فيدركها معا جملة) فالمدرك ها هنا مجموع الناس وما يشبهه فليس هذا من باب اشتباه الشيء بمثله على ما وهم، فإن معناه آن يعتقد مثل الشيء تفسه.

قوله: (على القول الأظهر) أي الأشهر بين الحكماء احتراز عن مذهب طائفة منهم، وهر قوله: (فلا يميز عند الرانى جرم النار عن الهواء المضيء بها) فالأ قرب على هذا الرأي أن يجعل المثال المذكور من ياب ظن الشبيه بالشيء ذلك الشيء، وإن جاز عده من باب رؤية الصغير كبيرا أيضا كما لا يخفى: قوله: (على هيثة مخروط) المخروط شكل مجسم تحيط به دائرة هي قاعدته، وسطح

Page 135