Shajarat tanmū fī Brooklyn
شجرة تنمو في بروكلين
Genres
وضيعة؟ وأدارت فرانسي الكلمة في رأسها، فوجدت أنها ليست من حصيلة مفرداتها. - ما معنى كلمة وضيعة!
وقالت الآنسة جاردنر وهي تترنم مازحة: ماذا قلت - لك - حين - لا تفهمين - كلمة. - آه! لقد نسيت.
وذهبت فرانسي إلى القاموس الكبير وبحثت عن كلمة «وضيعة»، فوجدتها تعني «بذيئة» ... بذيئة؟
وفكرت في أبيها وهو يرتدي صدرية وبنيقة نظيفتين كل يوم في حياته، ويلمع حذاءه البالي مرتين في اليوم، «قذر؟» كان لأبي وعاؤه الخاص عند الحلاق، «حقير؟» وتجاوزت فرانسي عن تلك الكلمة التي لا تعرف معناها بالضبط، «مبتذل» أبدا! كان أبي راقصا، رشيقا سريع الحركة، ولم يكن جسده مبتذلا، «حقير ودنيء» أيضا، وتذكرت مئات الحالات من تصرفات أبيها الصغيرة التي تدل على الرقة والحنان والتفكير، وتذكرت أيضا كيف أحبه الناس جميعا كل الحب، وشعرت بالحرارة تصعد إلى وجهها، ولم تستطع أن ترى الكلمات التالية لأن الصفحة أصبحت حمراء أمام عينيها، واستدارت إلى الآنسة جاردنر وقد اربد وجهها غضبا: هلا كففت عن رمينا بهذه الصفة بعد!
وسألت الآنسة جاردنر دون أن تفهم شيئا: رمينا؟ لقد كنا نتكلم عن موضوعات الإنشاء التي كتبتها، فماذا دهاك يا فرانسي؟
وغص حلقها وهي تقول: إني لأعجب لفتاة مهذبة مثلك أن تقول ذلك، وما عسى أن تقول أمك إذا علمت أنك توقحت مع معلمتك؟
وارتاعت فرانسي؛ لأن الوقاحة في حق المعلمين كادت تكون جريمة في بروكلين، تقتضي إرسال الطفل إلى الإصلاحية، ورددت فرانسي في ذلة: سألتك العفو، سألتك العفو ... إني لم أقصد أن أسيء إليك.
وقالت الآنسة جاردنر في رقة: إني أدرك موقفك.
وأحاطت فرانسي بذراعها، وقادتها إلى الباب، وهي تقول: إن حديثنا القصير قد أثر فيك كما أرى، إن صفة «وضيعة» كلمة قبيحة، وإني مسرورة لأنك استنكرت استخدامي لها، وهذا يدل على أنك تدركين، وربما لم تعودي تحبينني، ولكن أرجوك أن تعتقدي أنني لم أكن أبغي من كلامي إلا مصلحتك الخاصة، وسوف تذكرين ما قلت ذات يوم وتشكرينني عليه.
وودت فرانسي لو كف أهل النضج عن أن يرموها بهذا القول، وكان عبء الشكر الذي يتعين عليها أن تزجيه للناس في قابل أيامها يثقل كاهلها منذ الآن، وتصورت أن الأمور تقتضيها أن تنفق أجمل سني أنوثتها، ساعية إلى الناس لتقول لهم إنهم كانوا على الحق، وتزجي إليهم عبارات الشكر.
Unknown page