Shacir Ghazal Cumar Ibn Abi Rabica

Cabbas Mahmud Caqqad d. 1383 AH
3

Shacir Ghazal Cumar Ibn Abi Rabica

شاعر الغزل عمر بن أبي ربيعة

Genres

وكان أبوه يدعى بحيرا، فسماه النبي - عليه السلام - عبد الله، واشتهر بين قريش بلقب العدل؛ لأنهم كانوا يكسون الكعبة في الجاهلية من أموالهم سنة، ويكسوها هو من ماله سنة، فلقبوه العدل؛ لأنه يعدل قريشا كلها في كسوة الكعبة، وقيل: إن العدل هو الوليد بن المغيرة، وليس عبد الله بن ربيعة والد الشاعر.

وكان بحيرا - أو عبد الله - تاجرا موسرا يتجر بين الحجاز واليمن، وكانت أمه من قبله عطارة يأتيها العطر من اليمن، واسمها مخرمة أو مخربة في رواية أخرى، وقد تزوجها هشام بن المغيرة، فولدت له أبا جهل والحارث ابني هشام.

واستعمل النبي - عليه السلام - عبد الله على ولاية الجند وسوادها (في اليمن) فلم يزل عاملا عليها إلى مقتل عمر - رضي الله عنه - وقيل: بل امتدت ولايته إلى عهد عثمان. وكان له عبيد كثيرون من الحبشة يتصرفون في جميع المهن، فقيل لرسول الله حين خرج إلى حنين: هل لك في حبش بني المغيرة تستعين بهم؟ فقال: «لا خير في الحبش إن جاعوا سرقوا وإن شبعوا زنوا، وإن فيهم لخلتين حسنتين: إطعام الطعام والبأس يوم البأس.»

أما أم الشاعر فكانت سبية من حضرموت أو من حمير يقال لها: «مجد». ومن هناك أتاه الغزل كما قالوا في زمانه: «غزل يمان ودل حجازي!» وهي مع هذا ليست بالصلة الوحيدة بينه وبين الحضارة اليمنية كما رأينا من علاقة أبيه وجدته بتجارة اليمن وتجارة العطر منها على الخصوص، وهي التجارة التي بينها وبين معيشة الغزل والغزليين نسب قريب.

ونشأ عمر في النعمة على وسامة وفراغ، ومن حوله الجواري والأرقاء، يهيئون له من اللهو ما يتهيأ للسيد الفتي الفارغ من متاعب الحياة، وقد وصفه بعض من رآه بين فتيان بني مخزوم فقال إنه «قد فرعهم طولا، وجهرهم جمالا، وبهرهم شارة وعارضة وبيانا ...» فهو تام الأداة للغزل ومصاحبة الحسان، وهو أقرب الفتيان من أبناء الحجاز إلى تمثيل بيئته؛ حيث نشأ من مجتمع الحضارة اليمنية والحجازية في القرن الأول للهجرة؛ أي في القرن الذي هدأت فيه بالحجاز حركة الدعوة النبوية، كما هدأت فيه حركة السياسة بانتقال الدولة وعاصمتها إلى الشام، ثم بقيت له بعد هدوء هاتين الحركتين بقايا الترف القديم من عهد الجاهلية، وطوالع الترف الجديد في دولة الإسلام.

وتواترت الأنباء بمطارحاته الغرامية طوال أيام الشباب، ومعظم هذه الأنباء لا يعدو أن يكون منثور القصائد التي نظمها في ديوانه، فهي لا تحوجنا إلى تردد كثير، ولا إلى تمحيص طويل.

فمن ديوانه نعلم - قبل أن نعلم من سيرته - أنه كان منقطعا لأحاديث الظريفات من بنات مكة والمدينة، وكان ينتظر أيام الحج؛ ليلقى الحسان القادمات من العراق والشام واليمن، أو يتعرض لهن في الطواف فيجنبنه حينا ويزجرنه حينا مخافة التشهير، وهو القائل في وصف هذه المواقف:

وكم من قتيل لا يباء به دم

ومن غلق رهنا إذا ضمه منى

1

Unknown page