فأجابه الشيخ بصوت عميق رنان: «نعم هو بعينه.»
وذكر يوري أن عم إيفانوف شيخ سكير ينشد التراتيل في الكنيسة وكان شاربه أبيض فأكسبه ذلك منظر الجندي على عهد نيقولا الأول. وشم من معطفه الأسود البالي رائحة كريهة. «بوم. بوم» هكذا كان صوته فكأنه خارج من جوف برميل.
وعرفه إيفانوف بصاحبه يوري فصافحه وهو لا يدري ماذا يقول لمثل هذا الرجل. على أنه ذكر أن الناس ينبغي أن يكونوا سواء عنده، فتأدب مع المغني الكهل وتركه يتقدمه في الدخول.
وكان بيت إيفانوف أشبه بمخزن أخشاب منه بمسكن إنسان لكثرة التراب وقلة الترتيب والنظام.
ولكن إيفانوف لم يكد يشعل المصباح حتى وجد يوري أن الجدران مغطاة بصور فامنتسوف وأن ما خاله أقذارا ليس سوى كتب مكدسة أكواما على أن هذا لم يخفف من ضيقه فذهب يتأمل الصور ليخفي ما به.
وسأله إيفانوف: «أتحب فامنتسوف؟» ولم ينتظر الجواب بل غادر الغرفة طلبا للصحاف.
ونعى سانين صديقهم سمينوف إلى بيتر فقال هذا: «رحمه الله! آه! لقد قضي أمره!»
فرماه يوري بنظرة المستطلع وأدركه العطف على هذا الشيخ الهرم.
وعاد إيفانوف بخبز وكئوس وبشيء من الخضر المملحة ووضعها على المائدة وكانت مغطاة بجريدة. ثم فتح زجاجة بسرعة لا تكاد تحس وبحذق بالغ منه مع السرعة أن لم تسل قطرة واحدة.
فقال بيتر معجبا موافقا: «يد صناع!»
Unknown page