فأضلوا الناس حيث جعلوهم قبلة لهم فى أذكارهم، وقضاء حوائجهم (١). وصرف حقوق اللَّه تعالى المحضة للمخلوق والعياذ باللَّه.
وقد لخص لنا الأستاذ محمد أبو الفضل فى مقدمة الإتقان للسيوطى حالة هذا العصر بقوله بعد أن ذكر حال البلاد وما تعرضت له من فتن واضطرابات وبعد سقوط الخلافة العباسية ببغداد: "ولكن لأمر أراده اللَّه لحفظ كتابه وحماية دينه قامت مصر والشام فحملتا لواء الزعامة الإِسلامية، وأخذتا بزمام الحركة العلمية والأدبية، وأصبحتا الملجأ الوحيد لأبناء هذا اللسان فى مملكة واحدة حاضرتها القاهرة، ولغتها العربية، وغايتها حماية الدين والملة، فوجدوا فيها الحرم الآمن، والظل الوارف، والمورد العذب، ولم يجد الملوك والأمراء من المماليك ما يوطد سلطانهم ويمكن لحكمهم إلا أن يعظموا الدين وأهله، ويأخذوا بيد العلم والعلماء، ويرفعوا من قدرهم، فأسسوا المدارس والمعاهد، وأقاموا الربط والخوانق، وأرصدوا الأموال والضياع لطلاب العلم والمعرفة، وأنشأوا دور الكتب، وجلبو إليها أنفس الكتب والمصنفات، وأصبحت القاهرة، والأسكندرية، وأسيوط، وقوص، ودمشق، وحلب، وحمص تموج بأعيان العلماء من الفقهاء والأدباء والمؤرخين والشعراء وأصحاب المعاجم ومؤلفى الموسوعات" (٢).
ومن هذه المدارس التى أسست فى هذا العصر:
المدرسة المنصورية، والقبة، بناهما الملك المنصور بن قلاوون، ونظم بهما دروسًا أربعة على المذاهب الفقهية الأربعة، ودرسًا للطب، ودروسًا للحديث النبوى، ودرسًا للتفسير، وكان لا يتولى هذه الدروس إلا جلة العلماء (٣).
والمدرسة الكاملية (دار الحديث الكاملية) أنشأها السلطان ناصر الدين الكامل، ووقفها على المشتغلين بالحديث، ثم من بعدهم فقهاء الشافعية،
_________
(١) المجتمع المصرى لسعيد عاشور ص ١٦٢ - ١٦٣.
(٢) مقدمة الاتقان للسيوطى ١/ ٣ - ٤ تحقيق محمد أبو الفضل.
(٣) خطط المقريزى ٤/ ٢٢٢.
1 / 23