تمهيد
تعتبر تراجم الرجال بمثابة المدارس للأجيال، ولذا كانت محل عناية العلماء والأدباء والكاتبين لاسيما كبار العلماء والزعماء وكل من قدم للأمة خدمات دينية أو دنيوية، ولذا يتحتم على من يريد الكتابة عن أى شخصية من هؤلاء أن يدرس الظروف المحيطة به، والوسط الذى عاش فيه منذ نعومة أظفاره حتى اشتد عوده ونضج فكره ليقف على الأسباب المؤثرة فى نبوغه والتى جعلته أحد العظماء؛ لأن تأثير البيئة فى الإنسان من المحسوسات الضرورية مثل تأثير الأبوين على الابن، والمدرسة والزملاء، والمعارف التى يتلقفها، وتأثير المعلم عليه، والكتب التى يطالعها، بالإضافة إلى الأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى تحدث عند الإنسان رد فعل سلبى أو إيجابى من حيث يدرى أو لا يدرى، وكل ذلك عوامل واقعية لها أثرها فى تكوين الشخصية، وتجعلنا نتناولها من قريب وتعيننا على فهم منهجها وطرقها فى الحياة.
وكل مجتمع يحمل عناصر خير وعناصر شر، وكل عنصر من هذين العنصرين يدعو الإنسان لاتباعه، والتكلم باسمه، فترى الناس على مشارب مختلفة فمنهم من يكون عنصر خير يدافع ويجاهد فى سبيله، ومنهم من يكون عنصر شر ينهمك فى الفساد والفجور، وكل منهم ميسر لما خلق له، وحينما ندرس حياة الإمام الزركشى مثلًا أو أى عظيم من العظماء المسلمين نجده متأثرًا بمجتمعه تأثرًا إيجابيًا أخذ خيره وعمل على نشره، ونهى عن الفساد، وعمل على كسره.
* * *
1 / 12