لقد كفاني فقد من ليس يجازي بالإحسان , وعدم موالفة من أن فارقته لست منه في أمان , وليس في القرب منه ما يتهنى به ويحمد , ولا يطلب منه الوفاء ويقصد , ولعمري أن الشنفرى معذور في البعد عن من بهذا النعت اشتهر , وليس بغباء به وأصله إن غاب أو حضر , كيف ومن كان في دنيء الصفات , لا يخلو عن فلتات وهفوات. وقد قال بعض ذوي العلم والحكمة: (لسانك حصانك , إن هنته هانك , وإن صنته صانك (3)) , وقالت [34ظ] العرب: (المرء بأصغريه: قلبه ولسانه (1)) , ولله در جميل (2) [إذ] يقول: [من الطويل]
لحى الله من لا ينفع الود عنده ... ومن حبله لمن مد غير متين
ومن هو إن تحدث له العين نظرة ... تفيض لها اشئان كل قرين
ومن هو ذو لونين ليس بدائم ... على خلق خوان كل أمين (3)
فللائق للعاقل الطالب المحاورات , أن يتجنب قربا عن مثل هذا في المسامرات , كيف والإنسان يحتاج إلى من يفشي سره إليه , ولو بشكاية إلى بعض الإخوان , يد
فع بها غمه , ويخفف كربه وهمه , كما قيل (4): [من الطويل]
ولا بد من شكوى إلى ذي مروءة ... يواسيك (5) أو يسليك أو يتوجع
Page 156