ومما يناسب هذا المقام أن الأصمعي مر بكناس يكنس كنيفا وهو رافع صوته , وهو يتغنى بهذه الأبيات (3): [من الوافر] أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر
وخلوني لمعترك المنايا ... وقد شرعت أسنتها انحري
أجرر في الساجد كل يوم ... فيا لله مظلمتي وصبري
كأني لم أكن فيهم وسيطا ... ولم تك نسبتي في آل عمرو
فقال له: أما سداد الثغر فلا علم لنا كيف أنت فبه , وأما سداد الكنف فمعلوم , فأعرض عنه مليا , ثم أقبل عليه , وأنشد شعرا:
وأكرم نفسي إنني إن أهنتها ... وحقك لم تكرم على أحد بعدي
فقال له: وأي كرامة حصل له منك , وما يكون من الإهانة أكثر من أهنتها , فقال: بلى , والله من الهوان ما هو أعظم مما رأيت , فقال له: ما يكون ذلك؟ قال: الحاجة إليك أو إلى مثلك , فاستحى منه وانصرف (1).
وقال البوصيري (2) شعرا:
والنفس كالطفل إن تهمله شب على ... حب الرضاع , وإن تفطمه ينفطم (3)
10 - ... وإني كفاني فقد من ليس جازيا ... بنعمى ولا في قربه متعلل
اللغة:
Page 152