وهو أحق بقول أبي الطيب من غيره , حيث يقول (4): [من الكامل] ما كنت أحسب قبل نعشك أن أرى ... رضوى على أيدي الرجال تسير
ما كنت آمل قبل دفنك في الثرى ... أن الكواكب في التراب تغور
وقد رثيته بقولي: [من الوافر]
دع العبرات تنسكب انسكابا ... ونار الحرب تلتهب التهابا
سأبكي كلما هبت شمال ... مدامع كلما ذكروا مصابا
اتطفي زفرتي ويلذ عيشي ... وتاج المجد قد سكن الترابا
ألا تب الزمان بما أصابت ... يداه , وليس يدري من أصابا
أيرجى بعد ذا منه وفاء ... لعمرك , وهل يحري جوابا
أيحلو للمعالي طيب عيش ... وسيف المجد قد فقد النصابا
سليمان الزمان ثوى فصارت عتاة الأنس لم تخش العقابا ... [31و]
لنأيك أضحت الأيام سودا ... كما هتكت لرفعتك النقابا
رعاك الله كم جندلت ليثا ... وحسنت المناصب والنصابا
وسهلت المعالي حيث ظنت ... بأن طروقا ليست صعابا
فمن للمجد بعدك حاتمي ... له باتت منازله خرابا
ومن لأرامل خافت كانت ... لهن على سما الجوزا قبابا
ومن يرجى لرد السبي إذ ما ... بشالك بعد فقدك ناب نابا
أأخشى بعد نأيك من رزاء ... وأسعى بعد فقدك لاكتسابا
همام أعظم الوزراء حلما ... وأكرمهم ندا وأحد نابا
وليس يرى له نطق بجهل ... ولا سفه سوى إن قال صابا
ولاعيب سوى حلم وجود ... وضرب منه ليث الغاب هابا
سنفقده إذا ما ناب دهر ... كبدر في ظلام الليل غابا
لقد فخرت مكارمه افتخارا ... كما فاقت مصيبته مصابا
أعيني أبكياه بكل يوم ... فما الخنساء منك أجل نابا
أما وقباب مكة والمصلى ... لأنعاه الزمان ولا أعابا
أعبدالله صبرا ليس يبقى ... الزمان به كريما ما أصابا
Page 148